موضوع عشوائي

آخر المواضيع

سلسلة إتحاف الطلاب بضبط ألفاظ الكُتَّاب (المقدمة وثلاثية الطبري والطبراني والطبرسي)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الأمين ، وعلى آله وصحبه والتابعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد ...
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ» .صحيح رواه أبو داود (4/255) (4811) ، ورواه الترمذي(4/339) (1954) بإسناد صحيح بلفظ«مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ لَا يَشْكُرُ اللَّهَ» .

ما زلت أذكر بعض المجالس والخطب التي أكرمني الله تعالى بحضورها لعلمائنا الأجلاء بمصر - فرج الله كربها وهزم عدوها ، وجعلها مرفوعة الرأس في العالمين - وأخص بالذكر شيخنا العلامة علي بن إبراهيم حشيش حفظه الله ونفع بعلومه في الدارين ، وأذكر أني سمعت تسجيلًا له في المتفق والمفترق يفرق فيه بين الطبري والطبراني والطبرسي ، وسبحان الله تعاقبت الأعوام ، وما زال الكلام يرن في أذني كصرير الأقلام ، حتى جاءت فكرة هذه السلسلة ؛ فأسأل الله أن يحفظه وشيوخنا جميعًا وكل علماء المسلمين وأن يبارك فيهم وفي علومهم وأعمارهم وأن يجزيهم عنا خير الجزاء .
أقدم للقارئ الكريم هذه السلسلة لضبط بعض الألفاظ الواردة في الأخبار ، وأسماء العلماء والرجال ؛ لما رأيناه من اضطراب ، وخلطٍ لبعضها من بعض الطلاب ، ولا أدَّعِي المجيء بجديد ، وإنما هو تذكير للطالب الحْدَيد ؛فنسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا ويزيدنا علمًا ، وأن يجعله حجةً لنا لا علينا ، وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين .




مقدمة للعلامة الشيخ عبد الكريم الخضير في أهمية ضبط الأسماء مأخوذة من شرحه الصوتي للبيقونية

((من المباحث التي تبحث وهي في غاية الأهمية، والجهل بهذا قبيح جداً بطالب العلم، ولا بد أن يعنى بها طالب العلم، ويراجع عليها المصادر؛ لأن أسماء الرجال تختلف عن المتون، المتون قد يستدل عليها بما قبلها وما بعدها، يعني السياق يساعد في أن تفهم اللفظ، وتؤدي اللفظ، وتنطق اللفظ، نعم السياق يساعد، هذه الجملة تستطيع أن تنطقها صواباً باعتبار ما قبلها وما بعدها، لكن راو من الرواة كيف تنطق هذا الراوي الذي خالف الجادة ؟ وأنت ما راجعت عليه الكتب؟ وما أخذته من أفواه الشيوخ ؟ يعني كم من شخص يغلط في عَبيدة السلماني؛ لأن الجادة عُبيدة، لكن ما مر عليه هذا، فالعناية بأسماء الرواة في غاية الأهمية، والجهل بها شنيع قبيح لطالب العلم، يعني هل يجدر بشخص من كبار الآن من الذين يشار إليهم، كبار، من الكبار، يعني عمره فوق السبعين، ويتصدر لتعليم الناس وإفتائهم يقول: سلمة بن كهبل، تقبل هذه ممن ينتسب إلى علم ؟ نعم، ما تقبل، سلمة بن كُهيل هذا معروف، نعم يقرأها سلمة بن كهبل هذا عيب عيب بالنسبة للصغار فضلاً عن الكبار، والطالب إذا لم يعتنِ بهذا الباب من أول الأمر يستمر، ألفت الكتب الكثيرة في هذا، كتب المتفق والمفترق، والمؤتلف والمختلف والمشتبه، كتب كثيرة جداً، فتجد الباب كل الجادة على وزن واحد يخرج واحد، عبيدة مثلاً، " مُتَّفِقٌ لَفْظاً و خَطّاً مُتَّفِقْ " يتفق في اللفظ والخط، لكنه يفترق في الذات، هذا المتفق والمفترق، يتفق في الخط واللفظ، يفترق في الذات والحقيقة، فمثلاً ستة أشخاص كلهم الخليل بن أحمد، لكن كل واحد يختلف عن الثاني، فإذا مر بك الخليل بن أحمد في علم من العلوم وترجمة لواحد على أنه الخليل بن أحمد صاحب العروض مشكلة، يعني كثير من طلاب العلم الذي لا ينتبه لمثل هذه الأمور، وكل اسم ينبغي أن يستدل به على فنه، يعني تقرأ تعريف لغوي لمسألة من المسائل، (وقال: الليث)، يجيك طالب العلم ما شاء الله يرجع إلى أقرب مذكور، ويترجم لليث بن سعد الإمام، ما هو بصحيح، نعم، كل إنسان له فن، كتب اللغة تنقل عن الليث بن المظفر، فيقبح بطالب العلم أن ينتقل ذهنه من هذا إلى هذا، وقد يتكايس ويأتي بتعبير يدل على شيء من التحري، يقول: إن لم يكن ابن سعد فلا أدري من هو؟ يا أخي ابحث واعرف، واقدر الأمور قدرها، وما يز بينها،(أي ميّز بينها) يأتي في سياق كلام لغوي مثلاً: قال أبو حاتم، يترجم لأبي حاتم الرازي ما هو بصحيح، أبو حاتم السجستاني غير أبي حاتم الرازي، تأتي لعلة من العلل قال أبو حاتم: منكر، يترجم لأبي حاتم السجستاني، ما هو بصحيح يا أخي، هذه أمور لا بد من التنبه لها، لا بد من أن يتنبه لها طالب العلم، ويراجع عليها الكتب، فعندك مثلاً أبو عمران الجوني اثنين ما هو بواحد، وعندك أيضاً أحمد بن جعفر بن حمدان أربعة أشخاص، كيف تميز بين هذا وهذا؟ لا بد من معرفة لهؤلاء الأشخاص، وتضع في ذهنك احتمالات كثيرة، الخليل بن أحمد ستة، يعني مجرد ما يأتيك الخليل في أي فن من الفنون تبي (أي تريد) تذهب وتترجم لصاحب العُروض، الخليل بن أحمد الفراهيدي باعتباره أشهر واحد، نقول: ما هو بصحيح، كم شخص زل في مثل هذا لعدم خبرته بهذه الأمور، فيتفق الاسم واللقب، وأحياناً الكنية، وأحياناً يتفق رباعي ولا يكون هو، فليتحرى الطالب المقصود ويستدل على هذا، ويراجع الكتب على مثل هذا، أحياناً تأتي أسماء مهملة فيصعب تعيينها من قبل الطالب الذي ما عنده خبرة، تصوروا شخص يبحث في فقه عالم من العلماء، رسالة دكتوراه في فقه عالم من العلماء، ما استطاع الطالب يعرف اسم هذا العالم، فقه فلان، ما استطاع، سأل الكبار والله ما وجد حلّ، راجع الكتب ما في فائدة، يعني تطلع فقه شخص ما تدري من هو؟ نعم يستحق البحث الرجل، واسمه يدور في كتب الفقه كثير، لكن كيف تجد النص على هذا العالم، تحتاج إلى سعة إطلاع، تحتاج إلى خبرة، تحتاج إلى تقييد الفوائد، يعني من يحل مثل هذا الإشكال، يعني مر في شرح النووي على مسلم في الجزء العاشر والحادي عشر أما فلان الذي يدور اسمه كثيراً فهو ابن فلان بن فلان بن فلان، وانتهى الإشكال، فنحتاج إلى تقييد مثل هذه الأمور، والعناية بمثل هذه الأمور، وإذا حصل الإنسان على ضبط كلمة فليودعها سويداء قلبه، يهتم بها، ما هو تمر مرور كأنها لوحات المحلات التي في الشوارع، يقرأ هذه وكأنها ما تعنيه، لا، هذا علم وأنت محتاج إلى العلوم المتكاملة، وألف في كل فرع من فروع علم الرجال كتب كثيرة، فمثل هذه الأمور في الرواة يأتي فلان بن فلان بن فلان، فأنت تظن هذا هو هذا، فواحد من المعتنين يجعل الاثنين واحد، ويجعل الواحد اثنين، المقصود أن مثل هذا ما ترك للاجتهاد؛ لأنه لا يدرك بالاجتهاد، فيه كتاب اسمه: (موضح أوهام الجمع والتفريق) للخطيب البغدادي من أعظم الكتب في تمييز مثل هذه الإشكالات، له المتفق والمفترق، له المؤتلف والمختلف، له تلخيص المتشابه في الرسم، له كتب كثيرة في هذا الباب، وهو أمام من أئمة هذا الشأن، أيضاً الحافظ بن حجر له في الباب الثاني اللي هو المؤتلف والمختلف , " مُؤْتَلِفٌ مُتَّفِقُ الخَطِّ فَقَطْ *** وَضِدُّهُ مُخْتَلِفٌ فَاخْشَ الغَلَطْ " يعني الفاحش الغلط يعني الغلط الذي يقع فيه طالب العلم بسبب جهله في هذا الباب غلط فاحش، والسبب تقارب الكلمة في الرسم، مثلاً سلام وسلاّم الجادة سلاّم بالتشديد، استثني من ذلك أشخاص معدودين، أوصلهم بعضهم إلى خمسة، عُمارة وعِمارة كلهم عُمارة إلا والد أبي بن عِمارة، حازم هذا الجادة، وفي خازم، أبو معاوية الضرير اسمه محمد بن خازم، خراش وحراش، والد ربعي اسمه حراش بالحاء، كلهم يتفقون على هذا، إلا المنذري في مختصر سنن أبي داود، فضبطه بالخاء المعجمة، وغلطوه، عِبيدة وعُبيدة، الأمثلة كثيرة جداً، والمؤلفات أيضاً موجودة، و(المشتبه) للذهبي يحل مثل هذه الإشكالات، (تبصير المنتبه) للحافظ ابن حجر، (الإكمال) لابن ماكولا أيضاً كتاب عظيم، و(تكملة الإكمال)، الشروح، شروح كتب السنة أيضاً تعتني بهذا عناية فائقة، تضبط الأسماء، وتضبط الكلمات المشتبه في الرسم بالحرف، أحياناً بالشكل، وأحياناً بالحرف، وأحياناً بالضد، وأحياناً بالنضير، كل هذا من باب العناية، لكيلا يخطأ طالب العلم، فأحياناً يقول: حدثني حرام بن عثمان، حرام كيف تضبط حرام؟ يمكن تظن حزام أو خزام؟ حرام يقول: "بلفظ ضد الحلال" انتهى، ما يحتاج أن يقول بالمهملات، بالحاء المهملة المفتوحة، وبالراء، إلى آخره، ما يحتاج أن يقول هذا، قال: "بلفظ ضد الحلال" حرام ما أحد بيخطأ في هذا، الحكم بن عُتيبة، بتصغير عتبة الدار، وهكذا، عندهم عناية يأتون بالضبط على وجوه متعددة، وأحياناً تضبط الكلمة بعد أن تكتب مجتمعة، الهجيمي تكتب هكذا، وتضبط بالحركات، ثم بعد ذلك تكتب في الحاشية مقطعة؛ لأن الحرف قد يشتبه بغيره في الاجتماع، لكن إذا أفرد صار هاء، الهاء يمكن تشتبه بغيرها إذا أفردت ما يكمن، والجيم كذلك، وإذا أفردت ونقطت وضبطت ما يمكن أن تشتبه، وأهل العلم أبدوا في هذا عناية فائقة؛ لأن الخطأ في مثل هذا شنيع، ولذلك قال: " فَاخْشَ الغَلَطْ " وذكرنا مثال لواحد من الكبار يقرأ سلمة بن كهيل: ابن كهبل، يعني والله ما يقبلها صغار الطلاب، منهم من يجعل قواعد فيما يشترك فيه أكثر من راوي من وصف أو كنية، مثلاً أبو حازم إذا روى عن أبي هريرة فالمراد كذا، إذا روى عن سهل بن سعد فالمراد كذا نعم، واللفظ واحد أبو حازم، يأتيك في الإسناد عن أبي حازم عن سهل بن سعد، تبحث في التابعين تجد أكثر من أبي حازم، فإذا روى عن سهل بن سعد فالمراد به سلمة بن دينار، الزاهد المعروف، إذا روى عن أبي هريرة فهو سلمان....)) انتهى .



1 - ثلاثية الطَبَرِي والطَّبَرَانِي وَالطَّبَرْسِي .
1- الإمام ابن جرير الطبري : هو شيخ المؤرخين وإمام المفسرين الإمام الموسوعي العلامة : محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ) وُلِد الطبري في طبرستان في مدينة آمل, عام 224 هـ , صاحب التفسير الشهير "جامع البيان في تأويل القرآن" ، وهو صاحب "تاريخ الرسل والملوك" أملاهما على طلابه ، وله كتب عديدة في القراءات والفقه و ، عاش 86 سنة .(باختصار من الموسوعة الْحُرَّةِ)
قال الخطيب البغدادي رحمه الله :
" استوطن الطبري بغداد، وأقام بها إلى حين وفاته، وكان أحد أئمة العلماء يحكم بقوله، ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله.
وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، وكان حافظا لكتاب الله، عارفا بالقراءات بصيرا بالمعاني، فقيها في أحكام القرآن، عالما بالسنن وطرقها صحيحها وسقيمها وناسخها ومنسوخها، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من الخالفين في الأحكام، ومسائل الحلال والحرام، عارفا بأيام الناس وأخبارهم ."

ورَوَى البغدادي بسنده عن الطبري أنه قَالَ لأصحابه: أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا: كم يكون قدره؟ فقال: ثلاثون ألف ورقة.
فقالوا: هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه، فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة.(أملاه في تسع سنين : من سنة ثلاث وثمانين إلى سنة تسعين كما ذكر ياقوت الحموي في معجم الأدباء (6/2442)) .
ثم قَالَ (الإمام الطبري لأصحابه) : هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا هذا؟ قالوا: كم قدره؟ فذكر نحوا مما ذكره في التفسير فأجابوه بمثل ذلك، فقال: إنا لله ماتت الهمم.
قال الخطيب : "وسمعت علي بن عبيد الله بن عبد الغفار اللغوي المعروف بالسمسماني يحكي: أن محمد بن جرير مكث أربعين سنة يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة. (تاريخ بغداد ترجمة 539 (2/548) .
قال ياقوت الحموي : "وحدث عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني في كتابه المعروف «كتاب الصلة» وهو كتاب وصل به تاريخ ابن جرير: أن قوما من تلاميذ ابن جرير حصلوا أيام حياته منذ بلغ الحلم الى أن توفي وهو ابن ست وثمانين، ثم قسموا عليها أوراق مصنفاته، فصار منها على كل يوم أربع عشرة ورقة، وهذا شيء لا يتهيأ لمخلوق إلا بحسن عناية الخالق." (معجم الأدباء 6/ 2443).

قال الخطيب :" وبلغني عن أبي حامد أحمد بن أبي طاهر الفقيه الإسفرائيني (شيخ الشافعية)، أنه قَالَ: لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل له كتاب تفسير محمد بن جرير لم يكن ذلك كثيرا، أو كلاما هذا معناه." . (تاريخ بغداد ترجمة 539 (2/548) .

وبعد أن أفاد الإمام ابن خزيمة من تفسيره قال :
"قد نظرت فيه من أوله إلى آخره، وما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير، ولقد ظلمته الحنابلة." (تاريخ بغداد ترجمة 539 (2/548) .
وروى الخطيب بسنده عن أبي علي الطوماري، قَالَ: "كنت أحمل القنديل في شهر رمضان بين يدي أبي بكر بن مجاهد(إمام القراءات السبع وأول من سَبَّعَهَا) إلى المسجد لصلاة التراويح، فخرج ليلة من ليالي العشر الأواخر من داره، واجتاز على مسجده فلم يدخله وأنا معه، وسار حتى انتهى إلى آخر سوق العطش، فوقف بباب مسجد محمد بن جرير، ومحمد يقرأ سورة الرحمن، فاستمع قراءته طويلا ثم انصرف، فقلت له: يا أستاذ تركت الناس ينتظرونك وجئت تسمع قراءة هذا؟ فقال: يا أبا علي دع هذا عنك، ما ظننت أن الله تعالى خلق بشرا يحسن يقرأ هذه القراءة أو كما قَالَ. (تاريخ بغداد ترجمة 539 (2/548) .
كان متفرغا للعلم ، ينفق من حصة تركها أبوه يعود عليه منها مال يسير ، ومن شعره :
إذا أعسرت لم يعلم رفيقي ... وأستغني فيستغني صديقيحيائي حافظ لي ماء وجهي ... ورفقي في مطالبتي رفيقيولو أنى سمحت ببذل وجهي ... لكنت إلى الغنى سهل الطريقوأنشد أيضاخلقان لا أرضى طريقهما ... بطر الغنى ومذلة الفقر
فإذا غنيت فلا تكن بطرا ... وإذا افتقرت فته على الدهر((تاريخ بغداد ترجمة 539 (2/548) والمنتظم لابن الجوزي 13/216) .

أصل مذهبه الشافعي حتى بلغ الذروة في الفقه فصار له مذهب فقهي دَوَّنَهُ في كتابه "لطيف القول في أذكار شرائع الإسلام"، وهو مذهبه الّذي اختاره وجوّده واحتجّ لَهُ، وهو ثلاثة وثمانون كتابًا. (تاريخ الإسلام للذهبي 23/ 283) .
وكان أسمر إلى الأُدْمَة، أعين، نحيف الجسم، مديد القامة، فصيح اللسان، ولم يؤذن به أحد، واجتمع عليه من لا يحصيهم عددا إلا الله، وصلى على قبره عدة شهور ليلا ونهارا، ورثاه خلق كثير من أهل الدين والأدب، (تاريخ بغداد ترجمة 539 (2/548) .



2- الإمام المحدث العلامة المعمَّر : أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللَّخمِي الطبراني، ولد في شهر صفر سنة 260 هـ (821م) بعكا بفلسطين من أم عكاوية، وتوفي سنة (360 هـ) ، وحدَّث عن ألف شيخ أو يزيدون. وهو صاحب المعاجم الثلاثة الكبير والأوسط والصغير وغيرها من المصنفات النافعة كالدعاء ومسند الشاميين . وسمي الطبراني نسبة إلى طبرية الشام قصبة كورة الأردن. بحيرة طبريا في فلسطين .(باختصار من الموسوعة الْحُرَّةِ)
وقد أفرد لترجمته جزءًا الإِمَام الْحَافِظ أَبُو زَكَرِيَّا يحيى عبد الْوَهَّاب بن الإِمَام الْحَافِظ أبي عبد الله بن مَنْدَه رحمهمَا الله .
وقال الإمام الحافظ ابن عساكر رحمه الله :

"أبو القاسم اللخمي الطبراني أحد الحفاظ المكثرين، والرحالين الجوالين، سمع بدمشق وبمصر وباليمن. وصنف المعجم الكبير في أسماء الصحابة، والأوسط في غرائب شيوخه، والصغير في أسماء شيوخه، وكتباً.
حدث سليمان بن أحمد الطبراني عن أبي زرعة الدمشقي بسنده عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رحم الله عبداً سمحاً قاضياً وسمحاً مقتضياً ".


قال أبو الحسين بن فارس اللغوي: سمعت الأستاذ ابن العميد يقول: ما كنت أظن أن في الدنيا حلاوة ألذ من الرئاسة والوزارة التي أنا فيها حتى شاهدت مذاكرة سليمان بن أحمد الطبراني وأبي بكرالْجِعَابِيِّ (بكسر الجيم وضمها) بحضرتي، فكان الطبراني يغلب الجعابي بكثرة حفظه، وكان الجعابي يغلب الطبراني بفطنته وذكاء أهل بغداد، حتى ارتفعت أصواتهما ولا يكاد أحدهما يغلب صاحبه. فقال الجعابي: عندي حديث ليس في الدنيا إلا عندي، فقال: هاته. قال: حدثنا أبو خليفة حدثنا سليمان بن أيوب. وحدث بالحديث فقال الطبراني: أنا سليمان بن أيوب، ومني سمع أبو خليفة، فاسمع مني حتى يعلو إسنادك، ولا تروي عن أبي خليفة عني، فخجل الجعابي، وغلبه الطبراني. قال ابن العميد: فوددت في مكاني الوزارة والرئاسة لم تكن لي وكنت الطبراني وفرحت مثل الفرح الذي فرح الطبراني لأجل الحديث. أو كما قال.

قال أبو القاسم الطبراني:
رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام، كأنه جالس على كرسي على صفته التي انتهت إلينا الصحيحة، فوقفت فسلمت عليه، فرد علي السلام، ثم جلست بين يديه، ورفعت يدي، فدعوت لنفسي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات بدعاء حسن فتحه الله علي، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقبل علي، يتبسم، فقل: يا رسول الله، أخبرني عن حديث الشعبي عن النعمان بن بشير عنك أنك قلت: مثل المؤمنين في توادهم وتواصلهم وتراحمهم. كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، فأشار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صحيح صحيح صحيح ثلاث مرات.
قال سليمان بن إبراهيم: سألت أحمد بن عبد الله الحافظ عن حال الطبراني وسيرته وحفظه فقال: لم ير الطبراني مثل نفسه.
قال: وذكر سليمان بن إبراهيم أن الصاحب قال: من الخفيف
قد وجدنا في معجم الطبراني ... ما فقدنا في سائر البلدان
بأسانيد ليس فيها سناد ... ومتون إذا رُفعن متان
قال أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي: سمعت أبا القاسم سليمان بن أحمد يقول: من الكامل
طلب الحديث مذلة وصغار ... والصبر عنه تندم وشنار
فاصبر على طلب الحديث فإنه ... من بعد ذل عزة ووقار(مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 10 / 103 : 106) .





3- الإمام الطبرسي أبو علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي. من كبار علماء الشيعة ومفسريهم ولد 468 هـ - وتوفي 548 هـ ، ونسبته الي طبرس والتي تعرف اليوم ب «تفرش» من توابع مدينة «آراك» وكانت «تفرش» في ذلك الوقت من أهم نواحي مدينة «قم» المقدسة ، وقيل ان الطبرسي نسبة الي طبرستان وهي بلاد مازندران [ايران] بعينها. (باختصار من الموسوعة الْحُرَّةِ) .
وترجم له أبو الحسن ظهير البيهقي (قيل هو شيعي إمامي وقيل شافعي ، وهو بخلاف الإمام أبي بكر البيهقي الشافعي السني المحدث صاحب شعب الإيمان رحمه الله) فقال :

"طبرس منزل بين قاشان وأصفهان، وأصله من تلك البقعة، وكان مقيما في مشهد سناباد طوس، ومرقده هناك بقرب مسجد قتلكاه، وهو من أقارب النقباء آل زبارة، رحمهم الله.
كان هذا الإمام فريد عصره في النحو، اختلف إلى تاج القراء الكرمانيّ ، وقد أفاد من العلوم الأخرى، انتقل إلى القصبة في سنة ثلاث وعشرين وخمس مئة وسكن ... إلى أن قال:

وله تصانيف كثيرة تغلب عليها الاختيارات، وله في الاختيار من الكتب مرتبة عالية، فإن اختيار الرجل يدلّ على عقله، فمثلا كان اختياره من كتاب المقتصد في النحو اختيارا حسنا وفي غاية الكمال، واختار من شرح حماسة المرزوقي اختيارا في منتهى الحسن، وله اختيار من تفسير الإمام الزّمخشريّ في غاية الجودة.
وله تفسير في عشرة مجلدات وكتب أخرى كثيرة، وكان يشار إليه في علوم الحساب والجبر والمقابلة. (1/438) .
وترجم له القِفْطِي (بكسر القاف وإسكان الفاء نسبةً لبلدة قِفْطٍ بصعيد مصر) فقال :
"نحوىّ مفسر ؛ قطن بيهق ، وتصدّر للإفادة بها، وقصده الطلبة، فأفادهم من موفور علمه، واستفادوا من بلاغته فى النثر والنظم." . إنباه الرواه عن أنباه النحاة (3/6) .

ومن آثاره إعلام الوري بأعلام الهدى في مجلدين، حقائق الامور في الاخبار، غنية العابد ومنية الزاهد، وعدة السفر وعمدة الحضر. (معجم المؤلفين 8/67) .

قلت : وقد اطلعت على تفسيره "مجمع البيان" ، وهو تفسير نفيس زاخر بالفوائد الإعرابية والتوجيهات القرآنية للقراءات المتواترة ، ولولا آثار تشيع الرجل لكان لكتابه قدم صدق عند أهل السنة والجماعة ؛ فيا حسرةً على العباد ، نسأل الله الثبات على الحق حتى نلقاه ، وصلِّ اللهم وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين .

الكــاتــب

    • مشاركة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ مَقْرَأَةُ الدُّرَّة الْمُضِيَّة العالمية للعلوم العربيّة والإسلاميّة 2019 ©