موضوع عشوائي

آخر المواضيع

سلسلة الأسئلة والفتاوى العلمية 38 - وجوه ورش في قوله تعالى ((عَادًا الْأُولَى)) (النجم 50) من الشاطبية

س 38 : من أخ مغربي يقول : "ما هي الوجوه الجائزة لورش في قوله تعالى ((عَادًا الْأُولَى)) (النجم 50) ؟ وما هو المقدم أداءً ؟ "
 
ج 38 : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، أما بعد ...
فقد ذكر العلماء المتقنون من أهل الأداء لورش مذهبين في قول الله تعالى ((عَادًا الْأُولَى)) (النجم 50) ؛ المذهب الأول : التسوية أي إنه لا فرق بين البدل في ((عَادًا الْأُولَى)) (النجم 50) وباقي البدل في جميع القرآن ، وهذا المذهب هو المقدم ، قال الإمام شمس الدين محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف المعروف بابن الجزري - (ت 833 هـ) رحمه الله - : "(عَادًا الْأُولَى) فِي سُورَةِ النَّجْمِ، لَمْ يَسْتَثْنِهَا صَاحِبُ " التَّيْسِيرِ " فِيهِ، وَاسْتَثْنَاهَا فِي جَامِعِهِ ". (1)

قلت : وهذه عبارة الإمام - عثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر أبو عمرو الداني (ت 444 هـ) رحمه الله - : "فصل واذا أَتَت الْهمزَة قبل حرف الْمَدّ سَوَاء كَانَت مُحَققَة اَوْ القى حركتها على سَاكن قبلهَا اَوْ ابدلت نَحْو قَوْله / ءادم / و / ءازر / و / ءامن / و / لقد ءاتينا / و {من أُوتِيَ} و / لاءيلاف قُرَيْش / و {للْإيمَان} و / يستهزءون / و / هَؤُلَاءِ ءالهة / وَشبهه فان اهل الاداء من مشيخة المصريين الآخذين بِرِوَايَة ابي يَعْقُوب عَن ورش يزِيدُونَ فِي تَمْكِين حرف الْمَدّ فِي ذَلِك زِيَادَة متوسطة على مِقْدَار التَّحْقِيق واستثنوا من ذَلِك قَوْله / اسراءيل / حَيْثُ وَقع فَلم يزِيدُوا فِي تَمْكِين الْيَاء فِيهِ واجمعوا على ترك الزِّيَادَة اذا سكن مَا قبل الْهمزَة وَكَانَ السَّاكِن غير حرف مد ولين نَحْو / مسئولا / و / مذءوما / و / القرءان / و / الظمئان / وَشبهه وَكَذَلِكَ ان كَانَت الْهمزَة مجلبة للابتداء نَحْو {اؤتمن} / ائْتِ بقرءان / {ائْذَنْ لي} وَشبهه وَالْبَاقُونَ لَا يزِيدُونَ فِي اشباع حرف الْمَدّ فِيمَا تقدم وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -" .ا هـ (2) ، قلت : وتوجيه التسوية طَرْدُ الباب ، إذ لا تفرقة بين البدل العادي والمغير على التحقيق .
المذهب الثاني : التفرقة ؛ أي إن ((عَادًا الْأُولَى)) (النجم 50) تختص بقصر بالبدل سواء قرأت أي بدل آخر في جميع القرآن بالقصر أو التوسط أو الإشباع ، وتوجيه القصر ذكره الإمام مَكِّيّ بن أبي طالب القيسي (ت 437 هـ) فِي " الْكَشْفِ " ، قال رحمه الله : إِنَّ وَرْشًا لَا يَمُدُّ (الْأُولَى) ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ مَدُّ حَرْفِ الْمَدِّ بَعْدَ الْهَمْزِ الْمُغَيَّرِ ; لِأَنَّ هَذَا وَإِنْ كَانَ هَمْزًا مُغَيَّرًا إِلَّا أَنَّهُ قَدِ اعْتَدَّ بِحَرَكَةِ اللَّامِ، فَكَأَنْ لَا هَمْزَ فِي الْكَلِمَةِ، فَلَا مَدَّ. انْتَهَى، (3)
وقد ذكر المذهبين الإمام أبو القاسم بن فِيرُّه الشاطبي - (ت 590 هـ) رحمه الله - بقوله :
...............وَبَعْضُهُمْ يُؤَاخِذُكُمْ آلانَ مُسْتَفْهِماً تَلَا
وَعَادً الاُولَى ............. (4)


لكن ينبغي أن ننتبه إلى أمرين ؛ الأول : عند البَدء بالهمز من كلمة ((الأولى)) لنا الأوجه الثلاثة في البدل (القصر والتوسط والإشباع) ، وأما عند البدء باللام فليس لنا إلا القصر فقط (لُولَى) لذهاب سبب المد والاعتداد بحركة اللام العارضة ، وهو الهمز ، والمقدم البدء بهمزالوصل على الأصل كما قال الإمام ابن الجزري - رحمه الله - في الطيبة :
233 - وَابْدَأَ بِهَمْزِ الْوَصْلِ فِى النَّقْلِ أَجَلْ ؛ قال علماؤنا فالبدء باللام جليل والبدء بالهمز أجل .
الأمر الثاني : تقليل كلمة ((الأولى)) (النجم 50) على كل المذاهب لكونها رأس آية من السور المتفق على تقليل رءوس آيِها إجمالا كما قال الإمام أبو القاسم بن فِيرُّه الشاطبي - (ت 590 هـ) رحمه الله :
. وَممَّا أَمَالاَهُ أَوَاخِرُ آيِ مَا ... بطِه وَآيِ الْنَّجْمِ كَيْ تَتَعَدَّلاَ (5)

وقد جمع العلامة الشيخ محمد إبراهيم سالم - (ت 1430 هـ) رحمه الله - وجوه ((عادا الأولى)) (النجم 50) مع البدل العادي قبلها أو بعدها ، فقال :
وتحريرها مع البدل العادى كالآتى:
عادا الأولى/ فبأى آلاء
قصر/ قصر، توسط، مد
توسط/ توسط
مد/ مد


صورة أخ
رى
بدل عادى/ عادا الأولى
قصر/ قصر
توسط/ قصر، توسط
مد/ قصر، مد
(6)

هذا ،
والله أعلم ، ونسأل الله الإخلاص والتوفيق والقبول ، والحمد لله رب العالمين ، وصلِّ اللهم وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين .


(1) (النشر 1 / 341) .
(2) (التيسير ص 31) .
(3) (النشر 1 /343) .
(4) (منظومة حرز الأماني ووجه التهاني ، بيت 174 ، 175) وقد استدرك العلماء على الإمام الشاطبي - رحمه الله - قوله "وَبَعْضُهُمْ يُؤَاخِذُكُمْ " ؛ لإجماع الرواة عن ورش بإبدالها مع القصر ، والله أعلم (وانظر على سبيل المثال الوافي للعلامة عبد الفتاح بن عبد الغني بن محمد القاضي - (ت 1403 هـ) رحمه الله - ص 76 ، وتقريب الشاطبية لفضيلة الدكتور إيهاب فكري - حفظه الله - ص 69 ، 566).
(5) (منظومة حرز الأماني ووجه التهاني ، بيت رقم 306) . (6) (فريدة الدهر 4 / 505) .

الكــاتــب

    • مشاركة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ مَقْرَأَةُ الدُّرَّة الْمُضِيَّة العالمية للعلوم العربيّة والإسلاميّة 2019 ©