موضوع عشوائي

آخر المواضيع

خواطر إيمانية في المملكة المغربية - الأضحية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، أما بعد ...
فتحية من عند الله مباركة طيبة عليكم معشر المغاربة والمشارقة ، وهذه حلقة جديدة لتبادل الثقافات بين المغرب والمشرق ، وهما صنوان لا يختلف أحدهما عن الآخر في الأهداف والمقاصد ، وإنما هي اختلافات يسيرة في الوسائل والطرائق .
العيد في المغرب له طعم خاص ممتزج بحلاوة السنة وأنوار الإيمان ، فقبل إهلال هلال ذي الحجة المبارك ، والمغاربة يسألون عن أسعار الحوالة ، والحوالة والحَوْلِي يقصد بهما أسعار الخرفان والأغنام . ولا تتعجب إن وجدت فقيرا يسأل عن ذلك ؛ لأن التضحية في العيد تشمل الغني والفقير في هذا المجتمع العجيب ، رغم أن المذهب المالكي نص - كالجمهور - على أن التضحية للمستطيع سنة مؤكدة (1) ومع ذلك لا تجد أحدا لا يضحي في المغرب ، وإن اضطر للاستدانة ، لكن هل يتركه المغاربة الكرماء يسأل الناس مالا ، كلا ، بل لقد رأيت بنفسي كل من يشم خبرا أن شخصا لم يجد مالا ليشتري الأضحية يتعاون مع جيرانه أو معارفه ؛ ليشتروا لذلك الشخص أضحية يتقرب بها إلى الله - تعالى - ثم يوسع بها على أهله .
وإذا ذهبنا لننظر في نصوص القرآن والسنة المؤكِدَيْن على هذا المعنى الرفيع لوجدنا الكثير ، يقول الله - سبحانه - :
((لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ)) (الحج 37)  
((ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)) (الحج 32) .
((وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) (الحج 36) .
وعن عائشة - رضي الله عنها -  قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ما عمل ابن آدم يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم، وإنه ليؤتى يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض، فطيبوا بها نفسا. (2)
بعد صلاة العيد كل الناس يسلم بعض على بعض الطرق وفي البيوت والهواتف ويباركون بالعيد : عواشركم مبروكة ، مبروك العيد ، تعيد بالصحة والهنا ، إلى آخره من العبارات التي تعبر عن المحبة والترابط .
ثم يعود الناس لبيوتهم لمباشرة الذبح بأنفسهم ، وهكذا يفعل ملك المغرب - نصره الله - ، ثم ينشغلون بتقطيع اللحم وشوائه ، إنها أجواء طيبة ، بارك الله لنا في مغربنا ومشرقنا ، كل عام أنتم بخير وسعادة ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) والقول الثاني أنها واجبة، وهو قول الأوزاعي والليث، ومذهب أبي حنيفة، وإحدى الروايتين عن أحمد.
(2) صحيح ، رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما ، دائما أعتمد تصحيحات العلماء الألباني وشعيب الأرنؤوط والحويني وابن حجر وغيرهم- رحمهم الله - بدون ذكر للتفاصيل ، وإن كان التصحيح بناء على اجتهاد أذكر ذلك ، وبالله التوفيق . 

الكــاتــب

    • مشاركة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ مَقْرَأَةُ الدُّرَّة الْمُضِيَّة العالمية للعلوم العربيّة والإسلاميّة 2019 ©