موضوع عشوائي

آخر المواضيع

شرح "مختصر تيسير النحو" للعلامة الشيخ محمد بدر الدين - حفظه الله - مع "حاشية الشرقاوي" - الجزء الأول

بسم الله الرحمن الرحيم
شرح "مختصر تيسير النحو" للعلامة الشيخ محمد بدر الدين - حفظه الله - مع "حاشية الشرقاوي" - الجزء الأول

وهو تفريغ لمجالس فضيلته المسجلة ومنها نسخ على اليوتيوب مع حاشية الشرقاوي ، وقد صبغت المتن بالأسود ، وبالله التوفيق ،

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بسم الله نحمده ونستعينه ونصلي ونسلم على خاتم أنبيائه ورسله ، ونستفتح بالذي هو خير ، ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ، أيها الأحباب العلم هو الكنز الذي أهداه الله للبشرية ، ومن أجل أن يعلن عن عظمة العلم وعظمة العالم قال للملائكة حينما اعترضوا على قوله إني جاعل في الأرض خليفة قال إني أعلم ما لا تعلمون ، وكان الوسيلة للرد على هذا أنه قال : وعلم آدم الأسماء ، عمل لهم اختبارا ؛ عرض المسميات على الملائكة وقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ، قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا ، قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأئهم ... قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض ؟!

ثم أمرهم بالسجود له تعظيما للعلم وللعالم ، ولهذا فضل الله آدم على الملائكة وأسجدهم له ، لأنه كشف له أنه أكثر منهم علما ، والعلم يعني ليس كل طالب علم يكون مثل الطالب الآخر في كل الأشياء ، أحيانا يجد معاناة في طلب العلم ، إما في الوقت ، وإما في سرعة الفهم ، وإما في الضبط ، وإما في عرضه مرة أخرى ، والأداء ، وكم من عالم أحاط بكثير من العلم ولكنه ليست عنده القدرة على عرضه عرضا طيبا

وعلم النحو في عصر التخلف الذي نحن فيه أصبح من أبغض العلوم للطلاب بل وللمعلمين ، وأصبحت العربية تنبذ في الإِعلام ولا أٌول الأعلام التي ينطق بها الأعلام ويثبتون بالألف أنهم يحتاجون إلى أن يعلموا ، الأعلام جمع علم والشيء العالي أو الظاهر أو الواضح ، وأما الإعلام فهو الإخبار .

فالمهم أصبحوا يتجاوزون العربية إلى العامية ، ثم أصبح الشعب في عصر الفساد الذي – إن شاء الله – محاه الله بهذه الثورة ويعيد الأمة إلى ما رأيناها عليه في عقود مرت ومضت عشناها ، وكان العامي إذا سمع كلمة أعجبته نطق بها ، فكان يشارف أهل العلم في أنه يستعمل بعض ألفاظهم ، حتى من غير أن يفهمها ، لقد رأيت رجلا مرة يكلمني ويقول لي وحاجات من هذا القبيل ، فقلت له "يعني إيه من هذا القبيل ؟! " قال لي " أنا سمعتها من أبوك كده" كانوا يلتقتطون ،أما الآن أصبحوا يخترعون ألفاظا ليست من العربية وليست من غير العربية وإنما هو نوع من مسخ اللغة ومسخ الحوار كما نرى الشباب الآن يتكلمون الآن مُزَّة ومش عارف إيه وكلام لا علاقة له باللغة ولا بالدين ولا بالعرف ولا بالتقاليد ولا بالأدب العام ، وهو من اللغو الفاسد الذي يفسد اللغة ؛ ولذلك أحببت أن أحبب اللغة إلى دارسيها فكتبت صفحات قليلة ستسمعونها إن شاء الله الآن أجمع فيها قواعد اللغة العربية بطريقة مبسطة ومجملة ومترابطة ، تبسيط مع إجمال مع ترابط ، التبسيط يجعله يقرأ أو يسمع فيفهم ، والإجمال لا أغرقه بالتشقيق في غير محله ، أو أشقق الشيء وأجعله درسا ، ثم في يوم ثان درس ، وكانوا يدرسوا لنا الفعل أو الفاعل في أسابيع وليس في درس واحد ، بينما جمعها في نظم واحد ونسيج واحد يجعل بينها ترابطا في الذهن فيذكرها الطالب بعد أن يسمعها ، والكلام يختصر ليحفظ ، ويبسط ليفهم ،بالإضافة بعد ذلك قلنا تبسيط وإجمال لكنه في نفس الوقت مترابط فبينه علاقات ، وجعلت اللغة العربية في هذه المحاولة التي سميتها "تيسير النحو" عبارة عن دائرتين ؛لأن اللغات متنوعة في العالم ، هناك لغات أحادية مثل الإنجليزي الجملة إسمية دائما كــ (He is) ، ولغات ثنائية تجد الجملة يأتي فيها فاعل في الأول أو فيها اسم في الأول ، والعربية من هذا النوع ، ولذلك عندما ندرس العربية من أجل هذا الترابط الذي أرجو أن يثبت في ذهن الطالب سامعا أو قارئا حتى لا ينسى حينما تتلى عليه جملة العلاقات التي فيها ، بمجرد ما يعرف العلاقات الإعراب لا يخطئ فيه ، النطق لا يخطئ فيه ، أحببت أن أبسط ذلك وأيسره في صفحات معدودة قد لا تعدو الخمس صفحات ، وفعلت في البلاغة نفس الشيء ؛ فجمعتها وأيضا في صفحات قليلة ، مجموع النحو والبلاغة حوالي اثنتا عشرة صفحة ، فأنا أعتبرها متنا ميسرا من حفظه جمع أصول اللغة ، وإذا قرأ أي كتاب من اللغة يفهم فهما كاملا ؛ لأن هذه لخصت له الموضوع ، وجعلت – هذا المختصر- فيها أمثلة ؛ حتى لا يفهم القاعدة ولا يعرف لها مثلا صورة في مثال ، إن شاء الله نسمع من ابننا وليد يقرأ في هذه الوريقات التي نسجلها لكم ؛ لنسهل عليكم النحو ، ونجعلكم تحبونه ، وأنا أحاول أعلق في الأمور التي قد يكون فيها شيء - بعض الغموض - أو تحتاج إلى إعادة وشرح ، نبدأ بالله التوفيق ، بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم وصلَّى الله وسلَّم وبارك على سيدنا ومولانا محمد والحمد لله رب العالمين أولًا وآخرًا ، قال الشيخ الإمام العَلَم الفقيه الأديب اللغوي الشاعر الكبير سيدي ومولاي وشيخي الشيخ محمد بدر الدين رضي الله عنه في الدارين آمين :
" الكلمة قول مفرد ، وهي إما اسم أو فعل أو حرف ، فالاسم هو ما وضع ليدل على شيء معين ، سواء كان الشيء معنويا كالحلم والعلم ، أو ماديا إنسانًا أو حيوانا أو نباتا أو جمادًا "

قال شيخنا معلقًا :

أولًا : هذه البداية ليست لي ، وإنما هي للإمام عليّ رضي الله عنه وبها ابتدأ وابتكر علم النحو ؛ لأنه لما جاء أبو الأسود الدؤلي ، وابنته رأت زُنبورًا من الزنابير التي تطير أمام أعيننا ، والتي نسميها الدَّبُّور فوجدته مخططا بحلقات سوداء وصفراء ، والعرب تعرف للثياب المخططة بالأصفر بأنها ثياب الحِبَرة ، فقالت لأبيها كأنه في بردي حبرة ، يعني إزار ورداء من الحبرة ، فقال لها هذا شعر ، وفي يوم آخر نظرت إلى السماء وقالت له ما أجملُ النجوم ! ، قال لها الثريا ، قالت له قصدت التعجب ، قال له هذا غلط ، قولي

"ما أجملَ النجوم" ، وذهب إلى الإمام عليّ ، وكان في خلافة الإمام علي رضي الله عنه ، وقال :

"أدرك يا أمير المؤمنين ، أولادنا وبناتنا اللغة ستضيع منهم لأن ابنتي فعلت كذا وكذا ، وقلت لها إذا كنت تتعجبين فقولي ما أجملَ ! ، فإذا كنت تسألين تقولي ما أجملُ النجوم ؟ نقول لك : كذا" ، قال له : "إذن ضع قواعد للغة يا أبا الأسود ، يا أبا الأسود ضع قواعد للغة" ، قال : "كيف يا أمير المؤمنين؟"، قال له : "تقول مثلا الكلام أصله اللفظ ، واللفظ إما اسم ، وإما فعل ، وإما حرف ، فالاسم ما يدل على مسمى بعينه ، والفعل ما يدل على حدوث فعل من فاعل في زمن معين ، والحرف ما لا يظهر معناه إلا في غيره ، ثم انحُ هذا النحو" ؛ ولذلك سمي نحوا لأن سيدنا عليا رضي الله عنه قال لأبي الأسود الدؤلي انح هذا النحو ؛ فجلس أبو الأسود ووضع بدايات قواعد اللغة العربية ، وجاءت الأجيال فاسخرجت بقية تفريعاتها من نصوص الكتاب والسنة ؛ خدمة للكتاب والسنة ، فقامت اللغة على أسلوب القرآن ليحفظ الله بها القرآن ، ويحفظها بالقرآن ؛ ولذلك الألفاظ التي كانت تتلى على مسامع الناس من القرآن ، ويقرؤها الناس في العصور التي كانت في الأول عصر النبي ومن بعده ما زلنا نقرأ القرآن بها ؛ لأن القرآن ثبت وجدودها وجعل تطورها لا يخرجها عن هذه الأصول ؛ فحفظها وحفظ بها القرآن سبحانه وتعالى ، ونحن نقول إن الكلام إما يدل على شيء بعينه كأن أقول مثلا كتاب ؛ فهذا الشيء الذي نقرأ في سطوره ما نقرأ ، أو نقول أسد يكون هذا الحيوان المفترس ، أو عليّ يكون هذا الرجل فلان الذي سمي بعلي ، نقول العلم يكون معنى ، وضعنا كلمة علم دلالة عليه وهو يدل على ما هو ضد الجهل ، حلم على خلق وصفة يحمد فاعلها ، كذب وزور صفة للذم ؛ فهو إذن الاسم هو ما دل على مسمى بعينه سواء كان إنسانا أو حيانا أو نباتًا أو جمادا أو معنى ، هذا الاسم .

والفعل هو ما يدل على زمان وحدث في ذلك الزمان ، فعندما أقول يأكل يكون يأكل الآن فالحال والمستقبل متصلان ببعض ، لكن إنما عندما أقول أكل يكون قبل التكلم ، زمنه قبل التكلم ، عندما أقول كل لا يقع الفعل إلا بعد كلامي ؛ لأني آمره بفعل ، ولن يحدث الفعل إلا بعد كلامي ، إذن فالأزمنة ثلاثة ، لن نقول كما يقول الإنجليزي

Present , past , Past Participle

وإنما نقول ماض يعني حصل قبل أن تتكلم ، أقول جاء ،ولم أقل سيجيء ، وإنما أقول سيجيء يعني الآن يتحرك والمجيء سيقع مع الكلام وبعد الكلام ، ولهذا سمي مضارعًا ؛ لأن الحدث يضارع التكلم في نفس لحظة التكلم ويمتد لما بعد ، وقالوا إن من أسباب تسميته مضارعا أيضًا أنه يضارع الاسم ، فنجد أن المضارع حركاته وسكناته مثل حركات وسكنات الاسم يعني اسم الفاعل من نفس المادة ، يضرب تصير ضارب ، يض متحرك وساكن ، وضا متحرك وساكن ، رب : رب هي نفسها ، فضارع الاسم في الحركات والسكنات ، وقالوا لأنه أشبه الاسم ، والأصل في الاسماء الإعراب والمبني منها سنذكره إجمالا ، بينما الأفعال الأصل فيها البناء وشذ عنها المضارع فأصبح الأصل فيه الإعراب ؛ لأنه أصبح في بنيته أشبه بالاسم الذي من شأنه أن يعرب ، وسمي بذلك أيضا مضارعا ، وسبب ثالث لتسميته مضارعا أنه يشبه الاسم في وقوعه صفةً وصلة وخبرا وحالا ، لما أقول محمد يضرب ، صارت يضرب هنا جملة خبرية ، أقول يضرب فعل مضارع ، والفاعل محذوف تقديره هو ، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ ، وعندما نقول جاء محمد يضحك ، صارت يضحك حالا ؛ لأنه جملة ، ولأن الجمل بعد النكرات صفات ، وبعد المعارف أحوال ، ومحمد معرفة ، وأقول ذكرنا الخبر والصفة : محمد الطيب مثلًا ، والحال مثلا جاء محمد يركب أو هو يركب ،(وسها شيخنا عن ذكر الصلة مثل جاء محمد الذي يضحك) قال شيخنا : فأشبه الاسم في وقوعه في هذه الأربعة ، فسمي مضارعا أي مشابهًا ومثيلا له (1)
هذه كل العلل التي ذكرها النحويون للسبب في تسميته مضارعًا ، وزمنه الحال والاستقبال (2) ،

(1) (قلت ناقلا : وأصل المضارعة أن يَشْرَبَ الفصيلان من ضرع واحد ، والضَّرع بفتح الضاد وسكون الراء - مَدَرُّ اللبن من إناث الحيوان ، فسُميت المشابهة مضارعة وهذا رأي سيبويه والبصريين عامة. الكتاب 1/13-14 والانصاف المسألة73) .
(2) (قلت ناقلًا : وقيل: سُمي مضارعاً ؛ لضعفه عن رتبة الاسم في الإعراب ، أُخذَ من قولهم: رجلٌ ضَرعٌ ، أي ضعيف) .


أما الأمر فهو فعل – تطلب - كُلْ أو اجلس أو اذهب لن يتلقى منك السامع الأمر إلا بعد أن تنتهي من الكلام ؛ ولذلك هو للزمن المستقبل ، إذن الاسم هو ما دل على مسمى بعينه ، والفعل ما دل على حدث في زمن معين ، والحرف هو ما لا يتضح معناه إلا في غيره ، ولا يقبل علامات الاسم ولا علامات الفعل .

والاسم سنأخذ أن من علاماته أنه قد يقبل أل ، وبغيرها نكرة ، التنوين مثل محمد ، الجر إلى البيت أو إلى محمد ، وهذه من علامات الاسمية ، والفعل سنعرف أن المضارع له علامات والأمر له علامات والماضي له علامات ، طيب ما علامة الحرف ، تقول علامات الحرف أنه لا يقبل علامات الاسم ولا علامات الحرف ، ولا يظهر معناه إلا في تركيب في غيره ، لما أقول من ، تقول ما معنى من ؟ أقول من البيت إلى المدرسة فكلمة البيت وضحت معنى من ، وإلى أوضحتها المدرسة ؛ ولذلك الحريري يقول في مُلْحَةِ الإعراب : وَالْحَرْفُ مَا لَيْسَتْ لَهُ عَلَامَة ... فَقِسْ عَلَى قَوْلِي تَكُنْ عَلَّامَة ، والكلام يتركب من هذه الثلاثة ، فإذا بدأنا بالجملة الاسمية ، فالجملة التي أولها اسم تسمى اسمية ، والتي أولها فعل تسمى فعلية ، ونسمع التفصيل :

"، فالاسم هو ما وضع ليدل على شيء معين ، سواء كان الشيء معنويا كالحلم والعلم ، أو ماديا إنسانًا أو حيوانا أو نباتا أو جمادًا كمحمد وأسد وشجرة وكتاب ، وعلامته الإسناد ودخول الجار عليه والنداء ودخول أل عليه"
قال شيخنا معلقًا :
"ويقول مالك في الألفية على علامة الاسم :
بِالْجَرِّ وَالتَّنْوِينِ وَالنِّدَا وَأَلْ ... وَمُسْنَدٍ لِلِاسْمِ تَمْيِيزٌ حَصَلْ ، هذه علامة الاسمية .

"والفعل ما دل على حدوث شيء في زمن معين ، فإن كان الزمن قبل وقت التكلم فهو الماضي مثل أَكَلَ ، وعلامته دخولُ التاء في آخره مثل أكلتُ ، وإن كان زمنه في وقت التكلم وما بعده فهو المضارع مثل يأكلُ ، وعلامته أن يكون أوله حرفًا من حروف كلمة "أنيتُ" ودخول "لَمْ" عليه ، أما إن كان يدل على طلب حدوث شيء في المستقبل فهو الأمر ، وعلامته أن يدل على الطلب مع قبوله دخول ياء المؤنثة المخاطبة عليه مثل : كُلْ ، كُلِي ، والحرف هو ما يدل على معنى في غيره مثل هل وفي والواو ، وعلامته أن لا يقبل علامات الاسم أو الفعل ، .....

يتبع ....


الكــاتــب

    • مشاركة

هناك تعليقان (2):

  1. ما شاء الله شيخنا فضيلة الشيخ الفاضل شرح ميسر جعله الله في موازين حسناتكم

    ردحذف
  2. آمين وإياكم ، وفقكم الله .

    ردحذف

جميع الحقوق محفوظة لــ مَقْرَأَةُ الدُّرَّة الْمُضِيَّة العالمية للعلوم العربيّة والإسلاميّة 2019 ©