موضوع عشوائي

آخر المواضيع

شرح "مختصر تيسير النحو" للعلامة الشيخ محمد بدر الدين - حفظه الله - مع "حاشية الشرقاوي" ، الجزء الثاني

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح "مختصر تيسير النحو" للعلامة الشيخ محمد بدر الدين حفظه الله مع "حاشية الشرقاوي" ، الجزء الثاني

قال شيخنا العلامة محمد بدر الدين حفظه الله ونفع بعلومه في الدارين آمين :

"والإعراب هو تغيير حالة أواخر الكلم لاختلاف العوامل الداخلة عليها لفظًا أو تقديرا ، والعوامل اللفظية هي ما يسبق الكلمة من اسم أو فعل أو حرف إذا أثر فيها رفعًا أو نصبًا أو جرًّا أو جزمًا ، كالمبتدأ والفعل وحروف الجر أو النصب أو الجزم أو العطف" .

علق شيخنا : المبتدأ لماذا ؟ لأن العلماء لها ثلاثة آراء في إعراب المبتدأ والخبر ، فناس تقول أن المبتدأ سبب رفعه الابتداء : يكون مرفوعًا بالابتداء ؛ يعني لتقدمه في أول الكلام ، والخبر مرفوع بالمبتدأ إلا إذا دخل عليه ناصب ، وناس قالوا ترافعا ، المبتدأ رفع الخبر ، والخبر رفع المبتدأ (1) ؛ يعني تبادلا التأثير ...



(1) قلت : وقد اختصر شيخنا أو سها - حفظه الله - عن المذهب الثالث ، والمذهب نقلًا هي : مذهب سيبويه أن الخبر يرتفع بالمبتدأ كما في الكتاب (1/ 278) ، ومذهب المبرِّد وابن السراج أن الخبر يرتفع بالمبتدأ والابتداء كما في المقتضب (2/ 49، 4/ 126) ، الأصول (1/ 58).
ومذهب الكوفيين أنهما تَرافعا، فالمبتدأ رفَع الخبر، والخبر رفع المبتدأ؛ لأن كلاًّ منهما طالبٌ الآخر، ومحتاج له، وبه صار عمدة كما في الإنصاف (1/ 44)، مسألة (5)، أوضح المسالك (1/ 137) . باختصار من مقال العلة النحوية في رفع المبتدأ والخبر لابن الدين بخولة جزاه الله خيرا .


... سواء هذا أو ذاك هذا فقط ضبط أو انتحال سبب للرفع ما دام لا يوجد قبله كلمة تؤثر فيه ، هذا الانتحال يسمونه عاملا معنويا ، ولا يوجد عامل معنوي يؤثر في الإعراب إلا الابتدا والتجرد في الفعل المضارع ؛ إذا تجرد من الناصب والجازم وسيأتي .

"ولا يُجَر إلا الأسماء ، ولا يُجزَم إلا الأفعال" .

قال شيخنا معلقًا : "نعم الجر من خواص الأسماء ، والجزم من خواص الأفعال" .

"ويأتي الرفع والنصب في الأسماء والأفعال ، أما الحروف كلها فلا محل لها من الأعراب" .

قال شيخنا معلقًا : "الحروف كلها مبنية" .

"والعوامل المعنوية اثنان هما الابتداء ، وهو يعمل الرفع في المبتدأ ، والتجرد من الناصب أو الجازم ، وهو يعمل الرفع في الفعل المضارع ".
والبناء هو لزوم آخر الكلمة حالة واحدة مهما تغيرت العوامل عليها ، والأسماء معربة إلا الضمائر وأسماء الشرط والاستفهام والاسماء الموصولة ماعدا المثني منها اللذين واللتين ، وأسماء الإشارة ماعدا المثنى منها هاذين وهاتين ، والضمائر متصلة أو منفصلة ، وهي للرفع أو غيره ؛ فالتي للرفع المنفصل منها ، أنا ونحن وأنتَ وأنتِ ..."

قال شيخنا معلقًا : "حتى يحفظ الواحد منكم الضمائر يرتبها ترتيبًا معلومًا ؛ ولما يأتي يشققها لا ينسى شيئا ، أبتدي بأعرف الضمائر ، لما أقول "أنا" أنا لا أعرف أنا من ؟! فـ "أنا" هو الضمير من أعرف المعارف ، وسنعرف فيما بعد الأسماء إما معارف وإما نكرات ، لما أقول أنا أو نحن ، أو أنت لما أكلمك ، أكون عارفًا ماذا أقول ، فتأتي أولًا بالمتكلم أنا ونحن ، نحن المتكلم ومعه غيره ، ثم تأتي بالمخاطب لأنه هو الموجود : أنتَ ، أنتِ ، أنتمُا ، أنتُم ، ولجمع النسوة أنتُنَّ ، انظر الترتيب ، ثم بعد ذلك تأتي بالغائب : هو هي هما هم هنّ ، ثم بعد ذلك آتي بضمائر الرفع المنفصلة ، بترتيبها هكذا يجعلك لا تنسى شيئًا" .

سأل الأخ القارئ وليد : "مولانا ما معنى الاتصال والانفصال ؟" .

أجاب شيخنا : " كلمة "هو" تقدر تشبكها بشيء؟

قال الأخ بعدها من الكلام ؟
قال شيخنا : "قبلها أو بعدها ؟ "
أجاب الأخ : "لا" .
قال شيخنا : "أنتَ" ؟ (أي هل تشبكها بشيء قبلها أو بعدها)

" أجاب الأخ : "لا" ،

قال شيخنا : "أنا ، ولاحظ "أنا" غير "نا" أنا للمفرد و "نا" للجمع ؛ فتكون بوجهين ، يعني الضمائر المنفصلة التي إذا سبكتها في الكلام بخطك لا تربطها لا بالسابق ولا باللاحق ؛ فتشبك الكلمة بالكلمة ، هذا منفصل ، إنما المتصل يعني ضمير يلصق في الفعل أو يلصق في الذي قبله ؛ متصل أي أصبح هو والذي قبله كلمة واحدة ؛ يعني مثلًا : ضربته ، فالتاء فاعل والهاء مفعول ، والاثنان أصبحوا جملة رغم أن الاثنين لفظة واحدة ، ضربتُ فقط ضمير واحد ، ضربته ضميران ، فهذا المتصل .

قال أخ سائل : "ما الفرق يا مولانا بين "أنا" و"نا" ؟" .

قال شيخنا : " "أنا" للمتكلم وحده ، لكن لما أقول : شكرنا ، تكون "نا" تدل على واحد أم عدد كبير ؟ إذن أنا تدل على عدد مفرد ، بينما "نا" تدل على جمع" (2) .


(2) قلت : قال ابن كمال باشا : "اعلم أن "أنا" للمتكلم المفرد مذكرا كان أو مؤنثا، وهو عند البصريين همزة ونون مفتوحة والألف يؤتى بها بعد النون في الوقف لبيان فتح النون؛ لأنه لولا الألف لسقطت الفتحة للوقف فيلتبس بأن الحرفية لسكون النون، وقال الكوفيون: إن الألف بعد النون من نفس الكلمة فأجاب عنه البصريون بأن سقوطه في الوصل في الأغلب مع فتح النون أو سكونه يدل على زيادته" شرح المراح في الصرف لأحمد بن علي بن مسعود (1/36) .


قال الأخ : "كيف أعرف أن هذا مفرد وهذا جمع ؟" .

قال شيخنا : "من معنى الكلام "شَكَرَنَا" ، "نا" هنا لا تدل على واحد وحده إلا إذا كان معظمًا لنفسه ، فتفهم نفس المقام ، يبين لك هذا يدل على جمع أو فرد ، ومذكر أو مؤنث .

" فالتي للرفع المنفصل منها : أنا ، ونحنُ ، وأنتَ ، وأنتِ ، وأنتُما ، وأنتُم ، أنتُنَّ ، وهُوَ ، وهِيَ ، وهُمَا ، وهُم ، وهُنَّ .
أما المتصل منها فــــ : أَكلتُ ، وأكلنَا..." .


قال شيخنا معلقًا : "أكلتُ ، التاءُ هاهي تدل على المتكلم ، ولذلك قلت لك ائت بهم هكذا : متكلم فمخاطب فغائب ؛ لا تنس شيئًا ، أكلتُ للمتكلم وحده ، أكلنا للمتكلم ومعه غيره ، أكلتَ للمخاطب ، أكلتِ للمخاطبة ، أكلتما للمثنى مذكرًا أو مؤنثًا ، أكلتُم لجمع الذكور ، أكلتُنَّ لجمع الإناث ، ثم بعد ذلك ماذا ؟ أَكَلَتْ ؛ التاء الساكنة هذه ليست ضميرًا ، وإنما هي للتأنيث ، فيكون لــأكَلَتْ ضمير محذوف تقديره هي ، وأَكَلَ غير موجود والضمير تقديره هو ، والباقي يجيء كيف ؟ أكَلْتَ المتحركة هذه تكون ضميرًا ، أكلتِ عندما أخاطب واحدة ، أكلتُمَا للاثنين ، أكلتُم جمع المذكر ، أكلتُنَّ المؤنث" .

"وأما المتصل منها فــــ : أَكلتُ ، وأكلنَا ، وأكلتَ ، وأكلتِ ، وأكلتُمَا ، وأكلتُم ، وأكلتُنَّ ، وأكَلَ ، وأَكَلَتْ ، وأَكَلَا ، وأكلَتَا ، وأكلُوا ، أكلَنَ" (3) .

(3) قلت : والأصل أنها أربعة عشر ضميرًا كما ذكر الصرفيون لكن المثنى المخاطب المذكر والمؤنث سواء في نحو : فعلتما ، أكلتما ، وقد أسقط بعض النحاة "فعلتا" كالآجرومي ، ربما باعتبارهما قسما واحدًا يتضمن قسمين ، أو لتغليب المذكر على المؤنث ، ولا ريب أنه لا يقال المرأتان قالا ، قال أ/علي الحامد : "والعرب دأبَت على تغليب جانب المذكر على المؤنث في الخطاب والتعبير كما قالوا : القمران ( للشمس والقمر ) : تغليبا للقمر المذكر على الشمس المؤنثة , وقالوا : الأبَوان للأب والأم , تغليبا لجانب الأب , وقالوا : الفُراتان لنهري دجلة والفرات تغليبا للمذكر الفرات على المؤنث : دجلة أولًا : لأن الرجل هو الأصل "آدم" والمرأة فرع "حواء" ثانياً : الخطاب الذكوري أعم من الخطاب الأنثوي , فمثلا :اكتبي ..موجه للأنثى فلا يلتفت إليه الذكر , ولكن : اكتب ..يحتمل الوجهين : للمذكر فقط , أو لكليهما . ثالثاً : الخطاب لجنس الإنسان عموما كما قال تعالى : " يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم " , والخطاب للجنس يكون بالتذكير . رابعاً : أن التعبير بالمثنى يكون فيه زيادة لفظ غالباً , فكلمة : اكتبي , فيها زيادة ( ياء ) عن ( اكتب ) , وكلمة : القارئة والطالبة فيها زيادة تاء التأنيث عن المذكر , وعدم الزيادة أولى من الزيادة مع عدم الحاجة إليها .خامساً : الثنائية في الخطاب بين المذكر والمؤنث (غالبًا) فيه عِيّ وقلة فصاحة وركاكة أسلوب تأنف منه العرب وتتحاشاه . ولهذا فمن الأجدى ترك مثل هذه الثنائيات التي لم تأتنا إلا من الضعف اللغوي المستفحل في فكرِنا وذواتنا , ولا يعيب الأنثى أن دخلت في الخطاب المذكر ما دام أن الخطاب المذكر يفيد العموم . (بتصرف من موقع بريدة سيتي) .

"..ويلاحظ في "أَكَلَ" أن الضمير مستتر تقديره هو ، وكذلك في أكلت ، أما التاء فللتأنيث ، أما ضمائر غير الرفع المنفصلة فهي إياي وإيانا " .

قال شيخنا معلقًا : "كذلك آتي بالمتكلم ثم آتي بالمخاطب ثم الغائب ، إياي يعني أنا "إياي تقصد ؟" أصلها أتقصدني ؟ فلما قدمتها مثل : إياك نعبد ، قدمتها على الفعل فانفصلت عنه ، لما نتكلم نحن كمجموعة نقول إيانا ، ثم إياكَ ، واحدة إياكِ ، مثنى إياكما ، جمع مذكر إياكم ، إياكن (أي لجمع المؤنث) ، وهذا لا يعرف بالرفع ؛ لأن هذا ضمير لغير الرفع ، إذا سبق (أي الضمير المنفصل عمومًا) بجار لا أقول مرفوع أو مجرور أو منصوب ، المبني يقال مبني على كذا ، مثل إياكَ مبني على الفتح في محل نصب مثلًا ، هو مبني على الفتح ، هم مبني على السكون ، وهكذا ، ترى الحرف الأخير ما هي حالته ؟ ثم تقول هذا مبني على الحركة هذه أو السكون هذا في محل ...، إن كان فعل أرى هل شيء أثر فيه أم لا ، دخل عليه نواصب للفعل أو جوازم للفعل أم لا ، إذا كان اسم أرى دخل عليه نواسخ أم لا ؟ حسب موقعه" .

"فهي (أي الضمائر المنفصلة) : إيّاي ، وإيّانا ، وإيّاكَ ، وإيّاكِ ، وإيّاكما ، وإيّاكم ، وإيّاكُنَّ ، وإيّاه ، وإيّاها ، وإيّاهما ، وإيّاهم ، وإيّاهُنَّ ، أما المتصلة فهي : شَكَرَني وشكرنا وشكركَ ...".

قال شيخنا معلقًا : "انظر "شكرنِي" هذا للمفرد المتكلم ، شكرنا إذا كان المتكلم وحده معظمٌ نفسَه أو معه غيره ، للمخاطب شكركَ ، شكركِ ، شكركما ، شكركم ، شكركن" .

"... وشكركِ وشكركما وشكركم وشكركُنَّ وشكره وشكرها وشكرهما وشكرهم وشكرهُنَّ ، والموصولات ..."

قال شيخنا معلقًا : "نحن قلنا إن الأصل في الاسم الإعراب ؛ لأنه يدل على معنى واحد فقط ، أما الفعل فلأنه يدل على حدث وزمن أصبح ثقيلا فيبنى ، وقلنا الإعراب تغير أواخر الحروف في الكلمات لتغير العوامل الداخلة عليها لفظًا أو تقديرًا ، والبناء هو لزوم آخر الكلمة حالة واحدة ، تدخل عليها كذا ، تدخل عليها كذا مهما تدخل تظل تنطق هكذا ، فهو لزوم آخر الكلمة حالة واحدة ، هذا هو الإعراب والبناء ، من أراد أن يتوسع في دراسة البناء فعليه بكتاب شذور الذهب ففيه باب لا يوجد في كتاب غيره من كتب النحو ، وهو باب المبنيات ، شذور الذهب لابن هشام" .

" ... والموصولات هي الذي والتي واللذان واللتان والذين واللاتي واللائي وما ومن وذو ." (4)

(4) قال ابن هشام في قطر الندى : (ثُمَّ الْمَوْصُولُ، وهُوَ الَّذِي والَّتي واللَّذانِ واللَّتانِ بِالأَلِفِ رَفْعاً وبِالْيَاءِ جَرًّا ونَصبْاً ولِجَمْعِ الْمُذَكَّرِ الَّذينَ بِالْيَاءِ مُطْلَقاً والأُولَى ولِجَمْعِ الْمُؤنَّثِ اللاَّئي واللاتيِ) .

قال شيخنا معلقًا : نعم لكن نحن قلنا سميناه موصولًا لماذا ؟ لأنه لا يفهم إلا إذا وصلته بجملة تبين غامضه ، يعني جاء الذي ، تقول : الذي من ؟ نقول الذي كان معنا بالأمس ، وجملة الصلة لا محل لها من الإعراب ؛ ولذلك ابن مالك يقول :

وكُلُّهَا يَلزَمُ بَعدَهُ صِلَه ... عَلَى ضَمِيرٍ لائِقٍ مُشتَمِلَه

يعني الصلة نقول الصلة فيها ضمير يناسب الاسم الموصول الذي قبلها ، إذا كان مفرد نقول الضمير مفرد ، الذي جاء يعني جاء هو ، اللذان جاءا يعني هما ، التي جاءت يعني هي .

"... وأسماء الإشارة هي : هذا وهذه وهذي وهذان وهاتان وهؤلاء وأولئك ، ذه ، ذا ، تي ، تا .. " (5) .



(5) قلت : والأصل ذا ، وذه وذي وذان وتان وأولاء ، وإنما زيدت "ها" للتنبيه ، قال ابن هشام في قطر الندى : "(ثُمَّ الإشَارَةُ وهِيَ ذَا للْمُذَكَّرِ وذي وذِهِ وتِي وتِهِ وتَا لِلْمُؤَنَّثِ، وذَانِ وتَانِ لِلْمُثَنَّى بِالأَلِفِ رَفْعاً، وبالْيَاءِ جَرَّاً ونصبْاً، وأُولاَءِ لِجَمْعِهِمَا) ، وقد ذكر العلامة الفوزان أن ما يلاحظ فيه المشار إليه من جهة قربه أو بعده، له مرتبتان:
القريب : وتستعمل فيه أسماء الإشارة، بدون زيادة (كاف) أو (لام) . نحو: هذا فوج ،
وأما البعيد : فتستعمل فيه أسماء الإشارة بزيادة الكاف، نحو: ذاك صادق . أو الكاف واللام، نحو: ذلك الكتاب ، ويعرب الاسم المحلى بـ (أل) الذي بعد اسم الإشارة إن كان مشتقًا يعرب بدلا أو نعتًا وهو أولى ، وإن كان جامدًا كالرجل فالأحسن إعرابه بدلاً أو عطف بيان.
وأما اللام فهي حرف دال على المبالغة في البعد تزاد قبل الكاف نحو: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} فـ (ذا) اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، و (اللام) للبعد و (الكاف) حرف خطاب لا محل له من الإعراب ؛ لأن أسماء الإشارة لا تضاف (الكتاب) بدل أو عطف بيان (لا) نافية للجنس (ريب) اسمها مبني على الفتح في محل نصب (فيه) خبر (لا) والجملة خبر المبتدأ. ويصح كما ذكر درويش أن تكون "ذلك" مبتدأ و"الكتاب" خبرًا ، "ولا ريب" مبتدأ وفيه خبرًا ، قلت : أو الخبر محذوف تقديره كائنٌ والجار والمجرور "فيه" متعلقان بهذا الخبر المحذوف ، والجملة "لا ريب فيه" حال من الكتاب .
وهذه اللام ملازمة للكاف في حالتين فقط : الإفراد ، وفي الجمع على لغة القصر (أولي تصير أولا لك) ، أما في التثنية وأسماء الإشارة للمؤنث والجمع على لغة المد : هؤلاء ، وعند تقدم هاء التنبيه عموما فلا يصح زيادة اللام والكاف ، والله أعلم . (تعجيل الندى بشرح قطر الندى للعلامة الفوزان (1/83) بتصرف وزيادة ، إعراب القرآن لمحيي الدين درويش (1 / 23 ، 24) بتصرف وزيادة) .

قال شيخنا معلقًا :
ابن مالك يقول في الألفية :

بِذَا لِمُفرَدٍ مُذَكِّرٍ أشِر ... بِذِي وذِه تِي تَا علَى الأُنثَى اقتصِر
وَذانِ تَانِ لِلمُثَنَّى المُرتَفِع ... وَفِي سِوَاه ذَينِ تَينِ اذكُر تُطِع

"... وأسماء الاستفهام مثل : متى وأين ، وأسماء الشرط مثل : مهما وأيّ" .

والأفعال مبنية لا محل لها من الإعراب إلا المضارع ؛ فهو معرب دائمًا إلا إذا لحقته نون التوكيد ؛ فيبنى على الفتح مثل : ولا تقولَنَّ ، وكقوله تعالى : لنسفعًا بالناصية ..." .


قال شيخنا معلقًا : "هذه الثقيلة وهذه نون التوكيد الخفيفة" .

" ...أو نون نسوة ؛ فيبنى على السكون مثل : يأكلنْ " .

قال شيخنا معلقًا : "هناك علامة أقولها للطلاب : إذا وصل بآخره نون التوكيد ، التوكيد فيها تاء هاهي : يكون مبنيًا على الفتح ، فيه تاء هاهي ، فإذا وصل به نون النسوة فيها سين هاهي : يبنى على السكون ، فلما أحد يقول لك ما وصل به ؟ - من الذي نحن نقوله – نون النسوة يكون مبنيًا على السكون ، إنما نون التوكيد التي فيها تاء - هذه - يكون مبنيًا على الفتح ، وهناك سؤال ثالث للمعرب" .

"... ، ويرفع المضارع إذا تجرد من الناصب والجازم " .

قال شيخنا معلقًا : "أي لم يسبقه ناصب ولا جازم ، والنواصب : أن ولن وإذًا وكي ولام كي ولام الجحود وحتى والجواب بالفاء والواو و أو ، والجوازم نوعان : ما يجزم فعلًا واحدًا ، وما يجزم فعلين ، ما يجزم فعلًا واحدًا هو : لم ولما وألم وألما ولام الأمر والدعاء ولا في النهي والدعاء ، وما يجزم فعلين : إن وما ومن ومهما وإذ ما ، وأيٌّ ومتى وأيان وأين وأنَّى وحيثما وكيفما وإذا تجزم في الشعر خاصة ولا تجزم في النثر . هذه هي النواصب والجوازم التي تؤثر في الفعل المضارع بالجوازم جزما ، وبالنواصب نصبًا" .

" ... وعلامته (أي المضارع) الضمة الظاهرة .." .

قال شيخنا معلقًا : "هذا الرفع" .

" ... وعلامته (أي المضارع) الضمة الظاهرة إن كان صحيح الآخر أو ليس من الأفعال الخمسة " .

قال شيخنا معلقًا : "صحيح الآخر يعني ليس آخره حرف علة ؛ لأن الفعل المضارع الذي آخره حرف على يجزم بحذف حرف العلة ، أما إذا دخلته النواصب يظهر على حرف العلة النصب ولكن لا يظهر عليه الرفع يعني لما أقول : يرضَى ، ولم يرضَ حذف حرفة العلة بالجزم ؛ لأن علامة المعتل الآخر في الجزم حذف حرف العلة ، يقضِي أقول لم يقضِ ، إنما إذا دخَّلتَ عليه الناصب يظهر الفتح على آخره ، تقول لن يقضيَ ولن يدعُوَا ، إنما الألف هي المقدر عليها جميع الحركات ؛ لأن الألف في اللغة العربية لا تأتي إلا ساكنة ، تقول أكل ، الألف مفتوحة هاهي ، أقول لك هذه تسمى الهمزة ، فلا يوجد ألف في اللغة العربية متحركة أبدًا ، إنما هي دائما ساكنة" .

" ... وهي : كل مضارع لحقته ألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المؤنثة المخاطبة .." .

قال شيخنا معلقًا : يسمونها الأفعال الخمسة أو يسمونها الأمثلة الخمسة .

"...وهي يأكلان وتأكلان ويأكلون وتأكلون وتأكلين ، فهذه ترفع بثبوت النون وتنصب وتجزم بحذفها .." .

قال شيخنا معلقًا : "يعني مثلًا القوم يأكلون ، لما جئت بلم أو لن أزيل النون فتصير الواو فاعلًا : لم يأكلوا ، ولن يأكلوا ، لم يأكلوا تنفي الأكل قبل الكلام ، ولن يأكلوا تنفي المستقبل ، تقول لم يأكلوا يعني لغاية الآن لم يأكلوا ، ونقول يأكلوا فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون والواو فاعل ، أو يأكلان أو تأكلان أو تأكلين يكون نفس الحكاية حذف النون والواو فاعل والياء فاعل والألف فاعل ، هذا إعراب ماذا ؟ .

ما يسمونها الأمثلة الخمسة أو الأفعال الخمسة ، وفي الجزم (لعل شيخنا سها وكان يقصد النصب) أيضًا يكون الحذف ، هنا ، لكن هنا علامة على الجزم لا على النصب ، والألف نفس الحكاية فاعل والواو فاعل والياء فاعل ".

قال الأخ وليد : لما قلنا "لم يأكلوا" النون تحذف ؟

قال شيخنا : "هذه علامة الإعراب يرفع بثبوت النون ؛ يعني وجود النون يدل على أنه مرفوع ، إن حذفت يكون قبله ناصب أو جازم ، ناصب أقول منصوب بحذف النون ، جازم أقول مجزوم بحذف النون" .

قال الأخ : "يرسم بعد الواو ألف ، ما اسم هذه الألف؟ لم يأكلوا توضع ألف في الرسم" .

قال شيخنا : "هذه تسمى بواو الجماعة لتفرق بين يأكلوا ويدعو ؛ لتفرق بين واو الجماعة واو الضمير أو التي هي من بنية الكلمة" .

" ... إن كان المضارع معتل الآخر قدرت الضمة على آخره للثقل فيما آخره واو أو ياء ، ..." .

قال شيخنا معلقًا : " لماذا ؟ لأن أقول الرجل يدعُوُ ؟! ... لا ، إنما الفتحة خفيفة أقول لن يدعُوَ ، ولذلك لما تأتي إذا كانت الواو من بنية الكلمة ؛ لان دعا يدعو دعاءً أو دعوةً ، الواو من بنية الكلمة ، هذا بخلاف إذا كانت الواو مضافة للكلمة تكون ضميرًا " .

"... يدعو ويقضي ، وللتعذر فيما آخره ألف مثل يسعى ..." .

قال شيخنا معلقًا : "مبني (6) للتعذر يعني يتعذر أي يستحيل أن تأتي الألف ، ونحن قلنا إن الألف يستحيل أن تأتي إلا مادة ساكنة ، إنما لما نقول الياء في مثلًا : لن يرضى لا تجيء ، لما تأتي مع الواو نقول : لن يدعُوَ ، ظهرت الفتحة لخفتها " .



(6) قلت : لعل شيخنا - حفظه الله - سها فقال "مبني" ، أو كان يقصد المعنى اللغوي أي لزوم المضارع المعتل بالألف حالة واحدة مع دخول الناصب عليه كما أنه يلزم حالة واحدة إن تجرد من الناصب والجازم مثل هو يخشى في الرفع ، لن يخشى في النصب ، وإلا فإن هذا من باب الإعراب التقديري فنقول يخشى فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره ، وقد منع من ظهورها التعذر ، وكذا نقول يخشى فعل مضارع مرفوع لتجرده من الناصب والجازم وعلامة رفعه الضمة المقدرة على آخره ، منع من ظهورها التعذر ، والله أعلم .

" ...أما علامة النصب للمضارع الصحيح الآخر فهي الفتحة الظاهرة وكذلك المعتل الآخر بالواو والياء مثل لن يقضِيَ ولن يدعُوَ أما المعتل الآخر بالألف فتقدر الفتحة على الآخر مثل لن يرضى .." .

قال شيخنا معلقًا : "الشيء المتعذر يعني المستحيل ، كما في الألف ، إنما للثقل أقدر أقول يدعُوُ وتكون ثقيلة فتكون في هذه الحالة تقدر عليها منع من ظهورها الثقل إذا كانت نطقتها لكن الكلام ثقيل في النطق ، إنما أقول تعذر في حالة الألف التي مستحيل أنها تتحرك" .

"... وعلامة الجزم للمضارع الصحيح الآخر فهي السكون مثل لم يأكل ، أما المعتل الآخر مطلقا فبحذف حرف العلة ، لم يدعو ، لم يقضِ ، لم يسعَ" .

أما نواصب المضارع (7) فهي :
أن ولن وكي ولام كي وإذًا(8) ولام الجحود ، وهي المسبوقة بكون منفي" .




(7) قلت : والخلاف بين النحاة في نواصب المضارع ؛ فمن قال بنصبها بنفسها فقد أخذ بقول الكوفيين ، ومن قال بنصبها بأن مضمرة فقد أخذ بقول البصريين .
(8) خلاف طويل بين النحاة في "إذًا" ففي نوعها ورسمها قولان: قيل اسمية فحذف المضاف إليه ، وعوض عنه التنوين وبه أخذ بعض الكوفيين [الجنى الداني في حروف المعاني - (1 / 61)] ، فتكتب بالنون ، وقيل حرفية وهو قول الجمهور وتكتب بالألف ، وقد رد هذا القول المبرد وشدد فيه حتى قال: ": " أشتهى أن أكوي يد من يكتب إذن بالألف، لأنها مثل أن ولن ولا يدخل التنوين في الحروف." انظر [الجنى الداني في حروف المعاني - (1 / 61)],
وفي أصلها قولان: قيل مركبة من (إذ) و (أن) فتكتب بالنون. وإذا قلنا إنها مركبة فقد حصل فيها نقل حركة الهمزة إلى الذال ثم حذفت والتزم هذا النقل, فكأن المعني إذا قال القائل أزورك فقلت إذ أن أكرمك. انظر [همع الهوامع - (2 / 374)] وإليه ذهب الخليل في أحد قوليه ، وقيل بسيطة غير مركبة ، وهو قول الجمهور والخليل في قوله الثاني .
وفي الوقف عليها في النطق عند من كتبها بالألف قولان: قيل الوقف على التنوين, وقيل الوقف على الالف. والرسم القرآني على كتابتها والوقف عليها بالألف ، والله أعلم . (أ/بندر بن سليم الشراري جزاه الله خيرا من شبكة الفصيح بتصرف) .
قال العلامة محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله :
"وأما " إذن " فحرف جواب وجزاء ونصب، ويشترط لنصب المضارع بها ثلاثة شروط:
الأول: أن تكون إذن في صدر جملة الجواب .
الثاني: أن يكون المضارع الواقع بعدها دالاً على الإستقبال.
الثالث: أن لا يفصل بينها وبين المضارع فاصل غيرُ القسم أو النداء أو " لا " النافية ومثال المستوفية للشروط أن يقول لك أحد إخوانك: " سأجتهد في دروسي "فتقول له: " إذن تنجح "، ومثال المفصولة بالقسم أن تقول " إذن والله تنجح "، ومثال المفصولة بالنداء أن تقول:
" إذن يا محمد تنجح "، ومثال المفصولة بلا النافيةأن تقول: " إذن لا يخيب سعيك " أو تقول: " إذن والله لا يذهب عملك ضياعاً " . (التحفة السنية 54) .



سأل الأخ : ما معنى كون منفي ؟

قال شيخنا : يعني كلمة مشتقة من كان يكون ، يعني أقول ماذا ؟ ما كان الله ليغفر لهم ، هذه كان ومسبوقة بنفي ، وأقول لم يكن الله ليغفر لهم ، هذا معناها ، هذه تسمى بلام الجحود ، إنما هناك لام كي التي تزيلها وتضع كي يكون المعنى سليمًا ؛ التي يسمونها لام التعليل ."

"...وحتى والجواب بالفاء والواو و أو" .

قال شيخنا معلقًا : "ذاكِرْ فتنجَحَ ، اسعَ حتى تنجحَ ، ذَاكِر أو لن تنجحَ" (9) .




(9) قلت : هكذا تكون "لن تنجح" في محل نصب جواب الطلب بعد "أو" ، قال العلامة محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله :

" أو " ويشترط في هذه الكلمة أن تكون بمعنى " إلا " أو بمعنى " إلى "، وضابط الأولى: أن يكون ما بعدها ينقضي دفعة، نحو: " لأقتلن الكافرأو يسلم "،
وضابط الثانية: أن يكون ما بعدها ينقضي شيئاً فشيئاً، نحو قول الشاعر:
لأستسهلن الصعبَ أو أدركَ المُنى فما انقادت الآمال إلا لصابر (التحفة السنية 56) . وبالله التوفيق .
 
وصلَّى الله وسلَّم وبارك على سيدنا ومولانا محمد والحمد لله رب العالمين أولا وآخرًا ، وجزاكم الله خيرًا .

قال شيخنا حفظه الله ونفع بعلومه في الدارين آمين : "يا سيدي وجزاك ، هذا وبالله التوفيق وصلَّى الله وسلَّم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أولا وآخرًا ودوامًا ، والحمد لله رب العالمين .

الكــاتــب

    • مشاركة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ مَقْرَأَةُ الدُّرَّة الْمُضِيَّة العالمية للعلوم العربيّة والإسلاميّة 2019 ©