موضوع عشوائي

آخر المواضيع

سلسلة العقود الذهبية (عليمًا حكيمًا - عليمٌ حكيمٌ - العليم الحكيم ، وعكس الترتيب)

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، أما بعد ...
فيقول الناظم غفر الله له ووفقه لما يحبه ويرضاه : 
1-عليمًا حكيمًا انصِب عَشْرَا ... نساءُ أحزابٍ فتحٌ دَهْرَا
2-حكيمًا عليمًا لا تجد ... فاصبر تُوَفَّقْ إن تُرِدْ
3-حكيمٌ عليمٌ خمسةْ ... حجرُ نملٍ حُجَّةْ 
4-عليمٌ حكيمٌ كَثُرْ ... فالقها بهذي السور
5-حجَّ يوسف والنسا للتوبةْ ... نورُ آدابٍ بدرُ المودةْ 
6-الحكيم العليم اثنان ... بذَرْوِ زُخرُفَ دَانِ 
7- ترتيبُ عَكْسٍ أربعةْ ... تحريمُ يوسُفَ بَقرَةْ 
8-ولا تُقَدِّمْ بيوسفَ حكيمْ ... ولا تُنَسَّ رَبُّكَ كريم
قوله "عليمًا حكيمًا انصِب عَشْرَا ... نساءُ أحزابٍ فتحٌ دَهْرَا" أي إن قول الله - تعالى - (عليمًا حكيمًا) ورد بالنصب في عشرة مواضع : سبعة في النساء ، وواحدة في كلٍ من الأحزاب والفتح والإنسان (1)  ، والمواضع في أواخر الآيات التالية :
1-((يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا)) (النساء 11) .
2-((إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)) (النساء 17) .
3-((وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا)) (النساء 24) .
4-((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)) (النساء 92) .
5-((وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)) (النساء 104) .
6-((وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)) (النساء 111) .
7-((يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)) (النساء 170)  .
8-((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا)) (الأحزاب 1) .
9-((هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)) (الفتح 4) .
10-((وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا)) (الإنسان 30) .

قوله "حكيمًا عليمًا لا تجد ... فاصبر تُوَفَّقْ إن تُرِدْ"
أي لا يوجد في القرآن كله : ((حكيما عليمًا)) على هذا الترتيب ، فاصبر يا طالب العالم توفق إن ترد العلم والانتفاع به في الدنيا والآخرة ؛ إذ الصبر بابٌ لكل خير كما قال الله - سبحانه - في معالم طريق الهداية :

((وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)) (السجدة 24)  ، قال ابن مسعود - (ت 32 هـ رضي الله عنه) - : "الصبر نصف الإيمان واليقين الإيمان كله" . (2)  ، وقال ابن تيمية - (ت 728 هـ) رحمه الله - وغيره : "بالصبر واليقين تُنَالُ الإمامةُ في الدين" . (3) ، ويقول رب العالمين في عِلَّة نعيم عباد الرحمن : ((أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا)) (الفرقان 75) نسأل الله أن يجعلنا منهم .
قوله "حكيمٌ عليمٌ خمسةْ ... حجرُ نملٍ حُجَّةْ" ، ولاحظ أول كل شطر بالحاء ، والمعنى : قوله - تعالى - ((حكيمٌ عليمٌ)) ورد في القرآن الكريم في خمسة مواضع ، بالرفع أربعة : ثلاثة في الأنعام  ، وتسمى بسورة الحُجَّة ؛ لقوله - تعالى - ((قل فلله الحجة البالغة ، وتلك حجتنا)) وواحدة فى في الحجر ، وأما ((حكيمٍ عليمٍ)) بالخفض فواحدة في النمل . والمواضع في أواخر الآيات التالية :
 ((وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ)) (الأنعام 83) 
((وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ)) (الأنعام 128)
((وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ)) (الأنعام 139)
((وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ)) (الحجر 25)
((وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ)) (النمل 6) .

قال الناظم  "عليمٌ حكيمٌ كَثُرْ ... فالقها بهذي السور :
 حجَّ يوسف والنسا للتوبةْ ... نور آدابٍ بدرُ المودةْ"  
يقول : أما ((عليمٌ حكيمٌ)) - وهي بالرفع فقط - فهي كثيرة في خمسة عشر موضعًا ، ستة في التوبة ، وثلاثة في النور ، وواحدة في كلٍ من يوسف والنساء والحجرات (وتوصف بسورة الآداب) ، والأنفال (وهي سورة بدر كما قال ابن عباس (ت 68 هـ رضي الله عنه) ) (4) ، والممتحنة (وتسمى بسورة المودة لقوله - تعالى- فيها : عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة) . والمواضع في أواخر الآيات التالية :
1-((وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) (الحج 52) .
2-((وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) (يوسف 6).
3-((يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) (النساء 26) .
4-((وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) (التوبة 15)  .
5-((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) (التوبة 28).
6-((إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) (التوبة 60) .
7-((الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) (التوبة 97).
8-((وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) (التوبة 106).
9-((لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) (التوبة 110).
10-((وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) (النور 18).
11-((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) (النور 58).
12-((وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) (النور 59).
13-((فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) (الحجرات 8)  .
14-((وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) (الأنفال 71).
15-((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) (الممتحنة 10) .

قوله "الحكيم العليم اثنان ... بذَرْوِ زُخرُفَ دَانِ" ؛ أي بالذاريات والزخرف فقط ، هما :
1-((قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ)) (الذاريات 30). 
2-((وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ)) (الزخرف 84). 

قوله "ترتيبُ عَكْسٍ أربعةْ ... تحريمُ يوسُفَ بَقرَةْ" أي جاء قوله - تعالى - ((العليم الحكيم)) بالترتيب العكسي لما سبق في أربعة مواضع فقط ، موضع في التحريم وموضعان في يوسف ، وموضع بالبقرة ، وهي في أواخر الآيات التالية :
1-((قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)) (التحريم 2).
2-((قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)) (يوسف 83) .
3-((وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)) (يوسف 100)
4-((قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)) (البقرة 32) 
قوله "ولا تقدم بيوسف حكيم ... ولا تُنَسَّ رَبُّكَ كريم "
أي يلاحظ أن سورة يوسف ليس فيها تقدم كلمة (حكيم) على (عليم) بأي صورة رفعًا كان أو نصبًا أو جرًّا ، كما يلاحظ في كل ما سبق أن المبدوء بالعين سواء في النصب (عليمًا) أو الرفع (عليمٌ) بغير لام فيهما أو بأل التعريفية (العليم) أكثر من الأحوال الأخرى ، ثم يقول "ولا تُنَسَّ رَبُّكَ كريم" أي احذر من أن يُنَسِّيَكَ الشيطان أن ربَّكَ كريم ؛ فاسترزق الله من خزائنه يكرمْك كما يكرم السائلين ، وكان الأولى أن يعرف "الكريم" بأل لكن الوزن ألجأه إلى إلغاء التعريف بأل ، ولا حرج في ذلك كما في قوله تعالى : ((إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ)) (الأنعام 83) ، وإذا كان كرم الله هو الأصل - فهو الذي أَوْجَدَ وأمَدَّ وأرْشَدَ -  فإن كرم العباد فرع عن هذا الأصل ، ولا ذِكْرَ لكرم المخلوق مع كرم الخالقِ . قوله "رَبُّكَ كَريمٌ" : مبتدأ وخبر ، والجملة في محل نصب مفعول به لـ "تُنَسَّ" ، واقتبس تُنَسَّ من قراءة ابن عامر الشامي : ((وَإِمَّا يُنَسِّيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)) (الأنعام 68) ،  يقول : حافظ على ذكر الله في الحال دون تأجيل أو تسويف ، سواء كان الذكر واجبًا كالصلوات الخمس ؛ لقوله - تعالى - : ((وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي)) (طه 14) ، وكصلاة الجمعة كما في قوله - سبحانه - : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)) (الجمعة 9) ، أو كان ذكرًا مستحبًا كما قال الله - تبارك وتعالى - :
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا * تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا)) (الأحزاب 41 : 44) ،  وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - (ت 32 هـ رضي الله عنه) - ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ» ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: «ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى» قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: «مَا شَيْءٌ أَنْجَى مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ» (5)  .
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلنا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات  ، والله أعلم ، وصلِّ اللهم وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وتسمى بالدهر ؛ لقوله - تعالى - في أول السورة : هل أتى على الإنسان حين من الدهر.
(2) صحيح ، رواه عبد الله بن أحمد في السنة (817) (1/ 374) والطبراني (8544) (9/ 104) وغيرهما

(3) انظر التحفة العراقية (1/ 54) وجامع المسائل (1/ 168) ومجموع الفتاوى (3/ 358) .
(4) عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ التَّوْبَةِ، قَالَ: آلتَّوْبَةِ قَالَ: «بَلْ هِيَ الْفَاضِحَةُ مَا زَالَتْ تَنْزِلُ، وَمِنْهُمْ وَمِنْهُمْ حَتَّى ظَنُّوا أَنْ لَا يَبْقَى مِنَّا أَحَدٌ، إِلَّا ذُكِرَ فِيهَا» ، قَالَ: قُلْتُ: سُورَةُ الْأَنْفَالِ، قَالَ: «تِلْكَ سُورَةُ بَدْرٍ» قَالَ: قُلْتُ: فَالْحَشْرُ قَالَ: «نَزَلَتْ فِي بَنِي النَّضِيرِ» . رواه مسلم بلفظه (3031) (4/ 2322) والبخاري (4882) (6/ 147) .
(5) صحيح رواه الترمذي (3377) (5/ 459) ، وابن ماجه (3790) (2/ 1245) وغيرهما .

الكــاتــب

    • مشاركة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ مَقْرَأَةُ الدُّرَّة الْمُضِيَّة العالمية للعلوم العربيّة والإسلاميّة 2019 ©