موضوع عشوائي

آخر المواضيع

الدكتور سعيد صالح العالم القرآني الذي أعرفه

بسم الله الرحمن الرحيم
الدكتور سعيد صالح العالم القرآني الذي أعرفه
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ، وآله وصحبه أجمعين ، أما بعد ...
كلما قرأت قول الله تعالى ((وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)) (135 آل عمران) أتعجب وأتساءل ، لماذا وقعت هذه الجملة الاعتراضية (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ) وسط الكلام عن صفات المؤمنين ، وإذا بالإجابة تظهر لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد أن ذنوب العباد التي بين العبد وبين الله لا يغفرونها أبدًا فضلا عن أن يغفروا الذنوب التي بينهم وبين بعض ، ومن هنا كان التنبيه بالاستفهام الراقي الذي يفيد النفي (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ)؟! أي إنه لا أحد يغفر الذنوب جميعًا للمؤمنين إلا الله تعالى .
ولعل هذا يذكرني بما صحّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِي، قَالَ: " قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ " . رواه البخاري (834) (/166) ، ومسلم (2705) (4/2078) بلفظ كبيرًا ، قال الإمام ابن كثير رحمه الله ((يُرْوَى كثيرا وكبيرا وَكِلَاهُمَا بِمَعْنًى صَحِيحٍ وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ أَنْ يَجْمَعَ الدَّاعِي بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فِي دُعَائِهِ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ، بَلِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ هَذَا تَارَةً وَهَذَا تَارَةً كَمَا أَنَّ الْقَارِئَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ القراءتين أيهما قَرَأَ. فَحَسَنٌ وَلَيْسَ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.)) تفسير ابن كثير (6/427) .
حدثني شيخي الفاضل العلامة الدكتور سعيد صالح حفظه الله وبارك فيه ونفع به - وهو بشر بالمناسبة وليس ملكا من السماء - منذ قليل عن حملة شنها عليه عبر الفيس بوك بعض الشيوخ الشباب المقرئين والمنشغلين بالأسانيد ، وصاحب الصفحة نفسه لا يعرف قيمة الشيخ العلمية ، وحدثني شيخي د/سعيد حفظه الله أنه التقى به وحدثه أنه يخطئ في النطق ببعض الكلمات القرآنية ، فرفض كلامه ، لا أدري أهذا كبر أم ماذا ؟! ثم ذهب يشنع ويطعن فيه وكأنه أخذ تفويضًا من كل شيوخ القراءات في العالم ليذكر من المتساهل ومن المتشدد ومن المتوسط ، وهو أخ فاضل أحسبه على خير (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (10 الحجرات) ، وبالمناسبة بعض الشيوخ يغضبون وينفعلون إذا قال لهم الطالب يا أخي ، هذا أمر عجيب فعلًا ، وهذا يذكرني بقول الحسن البصري رحمه الله : ((التواضع أن لا تقابل أحدا إلا وتعلم أن له عليك فضلا ، فإن كبيرا فقد سبقك إلى طاعة الله ، وإن كان صغيرا فقد سبقته إلى معصية الله)) . انتهى . ربما أكثر الطاعنين في علم الشيخ كانوا في بطون أمهاتهم والشيخ يتعلم ويعلم ويسافر ويجاهد في نشر العلم الصحيح ، ولكن أكلم من ؟! نحن في عصر قل فيه الأدب والإنصاف ، وقد قال لي شيخي كثيرا ((كلنا على باب العلم طلاب)) ، ((وإن أخطأت فصوبوا لي)) ، وَمَن تَوَاضَعَ لِلهِ رَفَعَهُ ، وهو حديث صحيح .
عموما أسأل الله أن ينفع بكل المقرئين صغارًا كانوا أو كبارًا ، وأرى أنه كان ينبغي أن لا ينزلق إنسان عامي فضلا عن أن يكون معلمًا للقرآن في هذا المنحدر الخطير ؛ فإن الدكتور سعيد صالح العالم الأزهري البحر الذي لا تكدره الدلاء - نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدًا - لمن لا يعرفه أمضى حياته كلها - وقد قارب الستين - في تعلم العلم النافع وتعليمه ، ولكن هل تشدده مع بعض الطلاب في المعاملة أو تساهله مع بعض الطلاب في الإجازة يعني أن نطعن فيه ونشنع عليه أمام العوام ، حتى يتحول الأمر إلى الطعن في علمه وفي مكانته ، ويقال إنه لا يحسن تلاوة الفاتحة ؟!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا)) حديث حسن ، رواه أحمد (5/323) ، والحاكم (1/122) وغيرهما وفي لفظ البزار ((وَيَفِ لِعَالِمِنَا)) البحر الزخار (2718) (7/157) .

هذا طرف من سيرة الشيخ حفظه الله ، والعلماء كشيخنا الدكتور علي النحاس حفظه الله وطلبة العلم المؤدبون يعرفون قيمة الشيخ :
نظرًا لتوقف الموقع فقط ابحث في www.google.com  لتعرف طرفا من سيرته وتتابع بعض
تسجيلاته .
أولًا أنا بفضل الله - مجاز بالقراءات العشر الصغرى - من قبل أن ألتقي بالشيخ ، ولم أسع للقراءات العشر الكبرى ، وما كان لقائي بالشيخ من البداية إلى الآن إلا قدرا محضا دون ترتيب ، وليس الهدف الانتصار لنفسي أو لشيخي ، وإنما إحقاقًا للحق ، وفي الحديث عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : «مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ القِيَامَةِ» صحيح رواه الترمذي (1931) (4/327) وغيره .
لن أطيل في الكلام حتى لا أقع فيما أحذر منه ، أقول وبالله التوفيق :
أولا : ذكر الإمام ابن الجزري وغيره أحوال الشيوخ المقرئين في كل زمان من متساهل لمتشدد لمتوسط ، ومن شاء فليراجع كتاب النشر في القراءات العشر ومنجد المقرئين ومرشد الطالبين .
ثانيًا : هناك فرق بين الإجازة العامة روايةً ، والإجازة في علم درايةً ، والإجازة من المصحف جائزة على الصحيح كما نقل السيوطي في الإتقان الجزء الأول .
ثالثًا : إن كان الهدف هو التحذير والانتفاض لنصرة القرآن الكريم والحفاظ على الإسناد ، والإسناد من الدين ، لماذا لم يذكر الأخ الحبيب أسماء كثير من الشيوخ المجيزين ، والمعروفين بالتساهل للقاصي والداني ، ومنهم من يبيع الإجازة بالمال مقابل 5 دقائق ، وربما لا يسمع الطالب ، مع العلم أنهم من أعلى الأسانيد في العالم بإطلاق ، وقد ذهب هو إليهم وقرأ عليهم ، وأجيز منهم ، ولم يذكر أسمائهم ؟! هل درءًا للمفسدة التي ستقع على شيوخ قرؤوا عليهم وأجازوهم ؟! ليت الأخ الفاضل انتبه لهذا مع كل الناس وليس مع شيوخه فقط ، وهو يعلم أن درء المفسدة مقدم على جلب المنفعة كما قال علماء الأصول ، كان من الممكن أن يقول أنا لم أقرأ على هذا الشيخ حتى أحكم عليه ، وربما الذين طعنوا فيه لم يجلسوا بالقدر الكافي ليتعلموا منه ؛ فشنعوا عليه ، ويكل العلم لله ، كما حدثتني أخت اليوم عن شيخ عالم مشهور أعطى بعض الأخوات 7 إجازات ، وهي تخطئ أخطاءً فادحة ، وأنا شخصيا سمعت بعض هؤلاء ولم يصل بي الأمر إلى الكتابة في النت والتشنيع ، لأن هناك أولويات ، والحديث عن الشيوخ أمر واسع لا يستطيع أحد أن يحصره بالغًا ما بالغ ، وما قصة الخلاف الذي دار بين الشيخ عبد الباسط هاشم والشيخ المعصراوي حفظهما الله منا ببعيد .
رابعًا : كل شيخ بشر له حسنات وسيئات ، فإذا كنا في عصر ، فيه مسألة وضع وصناعة الإجازات أمر في غاية السهولة ، وختم النسر نفسه يصبح في محل التقليد ، فليس هذا هو المقياس ، وإنما العلم والإتقان هما الأساس الذي لا مفر منه ، فليس معنى تساهل شيخ في الإجازة أنه جاهل ، أو أن إجازته لكل الطلاب باطلة ، كل شيخ له طريقة ، والله أعلم بالنوايا ، والله سيحاسب كل إنسان على ما قدم .
خامسًا : أكثر من يهاجمون الشيخ حفظه الله أفادوا من علمه ، ولكن يا حسرة على العباد فإنهم لم يتعلموا الأدب والإنصاف فطعنوا فيه بجهل منهم ، ولأنهم لم يصبروا على أسلوبه القاسي أحيانا ، والذي يحتاج إلى صبر .
سادسًا : ما دام الطالب حريصًا على الإجازة بإتقان لماذا قبل إجازة مكتوب فيها أنه قرأ وختم بإتقان ، وهذا مكتوب في كل الإجازات ، ولم يعدلها إلى أنه ختم فقط ؟!
سابعًا : شيخنا الفاضل د/سعيد صالح حفظه الله طبيب جراح بشري في عدد من المستشفيات والمراكز الطبية بالإسكندرية ، وينفق من ماله للمرضى والطلاب ، ولا يقرئ الناس بمواعيد ولا يتقن التعامل مع الكمبيوتر - ولعل هذا تعليل لوقوع الاختلاط في مقرأته عبر سكايب - فضلا عن أن يكتب إجازة بخط يده ، وإنما كتبت له ووضعت في بعض مكاتب الكمبيوتر ، بصيغة التمام ، ومن طلب منه الإجازة متابعةً - أي ختم على شيوخ آخرين قبله - أو ابتداءً - من أول القرآن - ، يقول له اطبعها وائت بها أختمها لك ، على اعتبار أن الطالب مضطر لهذا لأنه سيكمل عبر الإنترنت أو سافر من مكان بعيد ...إلخ وأنه سيستمر ويختم ، فإذا به ينصرف ولا يكمل الختمة ، هل الشيخ يلام على أنه سمح بهذا ؟! نعم لكن أين أمانة الطالب ؟! الذي زعم أنه قرأ وختم ، وعندما علمت بهذا أنا وشيخ آخر - وهو أخ فاضل - من الإسكندرية حدثناه في هذا الأمر واستجاب لنا ، وأخذ الأخ الأختام ، وقلنا من أراد أن يأخذ إجازة من الشيخ فليتواصل مع هذا الأخ الفاضل ، ولا أدري هل استمر الأمر على هذا أم لا ، وبعدها سمعت من بعض الأخوات أنه أجازها بالقراءات العشر من غير أن تختم بها ، فقلت على كل الأحوال نأخذ من شيخنا الفاضل العلم ، وليس معنى أنه متساهل أن إجازته باطلة ، وقد شهد على إجازتي منه عدد من الشيوخ الكبار ، وقد شهدوا له بالعلم ؛ لقوة حافظته وتمكنه من هذا العلم ؛ لأنه لم يدخل الموضوع للشهرة ولا للمال ، وإنما محبةً ، والشيخ يرهق نفسه كثيرا في السفر وقلة النوم ليعلم الناس ،وأقسم بالله لقد رأيت منه العجب ، فمثلا سافرنا من قبل من الإسكندرية إلى الإسماعيلية إلى الشرقية ، وفي كل مكان يتكلم الشيخ وينشر العلم الصحيح مع من يعرف ومن لم يعرف ، وينبه أئمة المساجد على الأخطاء ، يتكلم من حفظه كأنه مصطحب مكتبة يعصر العلوم منها عصرا ، ويقدمها في كوب مغلف بالأدب ، وربما يقسو أحيانا ، حتى تعبنا - ونحن شباب - وقلنا نبيت لننام ونستريح فرفض ، وقال لم آت لأنام ، ثم انطلق إلى القاهرة ليلا وركبنا معه ، حتى نزلنا بنها تقريبا واستمر هو للقاهرة لأن عنده موعد في الصباح، وقد قال لي وقد كان ينام أحيانا أثناء التلاوة عليه لكثرة الإرهاق، أنا أريد أن أموت على هذه الحالة ، وأنا طبيب أصلا ولم أدخل هذا الأمر إلا محبةً في نشر الخير ، فهل فقه الذين يطعنون فيه هذا ، ولماذا لم ينتبه الطلاب لنوم الشيخ ويظلون يقرؤون وهم يعلمون أنه مرهق ولا يرد أحدا ، ثم يكتفون بهذا ولا يستمرون معه ولا يقرؤون على شيوخ آخرين ، المسؤولية موزعة على الشيخ والطالب، فلا أبرئ الشيخ ، وللشيخ كتب نافعة ، من تحقيقات وتعليقات ومصنفات خاصة ، وكان سبب معرفتي به تحقيقه وتعليقه لكتاب التذكرة في القراءات الثمان لابن غلبون ، أقول ينبغي التمهل قبل أن نرمي العلماء وبالأسماء . وحسبنا الله ونعم الوكيل .
ثامنًا : الشيخ يجوب محافظات مصر وبعض الدول العربية لنشر العلم النافع ، ومنهجه تدبر القرآن ، وليس القراءة المجردة ، مع إتقانه لعلوم القرآن والتجويد ، وبالتالي من يقرأ معه فلا بد من أن يصبر ، وعندما التقيت به قدرًا في الإسكندرية - وكنت مقيما هناك وقتها - قرأت عليه خلال ثلاثة أعوام تقريبا ثلاث ختمات بمضمن العشر الصغرى والكبرى ، وما زلت أفيد من علم الشيخ ، وأنا منه بمثابة الابن والأخ والطالب ، لم أقرأ فقط وإنما قرأت وسمعت وصححت لبعض طلابه ، وسافرت معه وسافر معي ، وقضي في بيتي ليالي عديدة طويلة نقرأ ونتدارس ونفيد ، وكذا ذهبت إليه ، ولم أقرأ معه على الإنترنت إلا مرة أو مرتين فقال لي تعالى يا ابني وخذ بركة التلقي والمشافهة ، وأذكر لمن يقرأ معي بالعشر الكبرى من باب الأمانة أن الشيخ كان ينام أحيانا ، وهذا أمر يجبره السماع والتلقي بمعناه العام ، وهو أوسع من قولهم قرأت أو سمعت ، بل قراءة وسماع ومصاحبة ومتابعة وملازمة ، وسأذكر مثالا للتوضيح :
ذكر الإمام ابن الجزري رحمه الله في كتابه النشر طريقة تلقي الشيوخ للقرآن الكريم بسمعت وحدثني وقرأت على وتلقّيت ، وهذا مثال مشهور عندما نقول إن الإمام الرواي حفصًا قرأ (ضعف) المواضع الثلاثة في آخر سورة الروم بالوجهين فتح الضاد وضمها ، هل هذا يعني أنه تحملها عن الإمام عاصم ؟! كلا ؛ لأن الإمام عاصما القارئ لم يقرأها بالضم أصلا ، قال الإمام ابن الجزري رحمه الله في طيبته فرش سورة الأنفال :
663 - ضُعْفًا فَحَرِّكْ لاَ تُنَوِّنْ مُدَّ ثُـبْ ... وَالضَّمَّ فافْتَحْ نَـلْ فَتىً وَالرُّومُ صِـبْ
664 - عَـنْ خُلْفِ فَـوْزٍ ......


وقال في النشر :
(((وَاخْتَلَفُوا) فِي: مِنْ ضَعْفٍ، وَمِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ، وَضِعْفًا فَقَرَأَ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ بِفَتْحِ الضَّادِ فِي الثَّلَاثَةِ، وَاخْتُلِفَ عَنْ حَفْصٍ فَرَوَى عَنْهُ عُبَيْدٌ وَعَمْرٌو أَنَّهُ اخْتَارَ فِيهَا الضَّمَّ خِلَافًا لِعَاصِمٍ لِلْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، وَرُوِّينَا عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا خَالَفْتُ عَاصِمًا فِي شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا فِي هَذَا الْحَرْفِ، وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ الْفَتْحُ وَالضَّمُّ جَمِيعًا.)) (النشر في القراءات العشر 2/345) .
وقد قال العلماء : لا ينبغي للمقرئ أن يقرأ الناس إلا بما قرأ أو سمع ، حتى وإن فات الطالب بعض الكلمات الخلافية عن غير قصد وغفل الشيخ وهو بشر ، فهذا أمر مجبور مع المتقنين ، والحمد لله رب العالمين .
تاسعًا : من يذهب للشيخ ليتعلم منه ينبغي أن يكون جاهزا بمعنى أنه قرأ على شيوخ قبله وتعلم وفهم قدرا كافيا من شروح المتون حتى يفهم كلامه واستدراكاته على متون الإمام الشاطبي والإمام ابن الجزري والشيخ الجمزوري ، ولأنه يتكلم بالعامية وربما لا يقدم ديباجة بفضل هؤلاء العلماء ؛ فيظن السامع أنه يقلل من شأنهم ويطعن فيهم ، وقد علم بهذا شيخ من القاهرة فشنع عليه ، حتى إذا علم بعلم الشيخ العالي وإتقانه وقيمته استضافه في بيته وعرض عليه بعض الأعمال في التحريرات ليصحح له ، وفضل الشيخ على كثير من الطلاب لا يجحده إلا لئيم ، ولن أذكر أسماءً ، وأنا أسجل شهادتي هنا على أخ أجيز بالعشر الصغرى قال له يا بني اقرأ علي ، أريد أن أعلمك وأنفعك ، فرفض وقال أنا شيخ في القراءات ، وأراد أن يجعل رأسه برأس الشيخ ، ثم إذا هو يكذب عليه ويقول قال تعالى خذ الإجازة ، وذهب إليه في عمله ليعطيه إجازة في القراءات العشر الكبرى فلم يجده ، أقول حسبنا الله ونعم الوكيل ، كفى بالله شهيدًا .
عاشرًا وأخيرا : لا أبريء الشيخ فكما قلت هو بشر ، والحمد لله متواضع يعامل كل الناس وليس متكابرًا ، وهذا كلامه بالنص ، وقد سألته عن رحلته لتونس ، وكانت أسبوعين تقريبًا ، وكانت هذه حصيلة ما تم هناك وقد أخبرني بهذا أخ من تونس :
((درس شيخنا بعض المتون كالتحفة والجزرية والأربعين النووية ، وعلق على بعض الموطأ ، وبعض الدروس العامة ، وسجل مع قناة تلفزية دروسًا في علوم القرآن والتحفة الجزرية ودروسًا في رواية قالون سجل 40 حلقة )) ، اللهم تقبل ، والحمد لله رب العالمين .
وقال - شيخنا د/سعيد - كنا نتحرك في تونس من مكان إلى آخر ولم يكن عندي وقت لأجيز أحدا إلا المتقنين ، وهم قلة ، وعلى كل الأحوال من أراد أن يتعلم فمرحبًا ، وإن استطاع أن يأخذ إجازة فليفعل ، وقد أثير الموضوع منذ شهرين تقريبًا فأجاب بهذا :
قال شيخنا الكبير الدكتور سعيد صالح زعيمة حفظه الله ونفع به : أتبرأ مما نسب إلى من الطعن في الإمام الشاطبي والإمام ابن الجزري وغيرهما ، هم ساداتنا تعلمنا منهم ، وما زلنا نتعلم ، هم أصحاب السفينة ونحن أصحاب الخرق ، ننقد ونصحح ، ولا ننقض ونفضح . وأما التساهل في الإجازات فالعيب في الطالب الذي أراد أن يأخذ الإجازة دون إكمال الختمة ، وإن كنت شجعت بعض الناس وأجزتهم دون إتقان فهذه إجازة شرفية لا يعتد بها . وبالله التوفيق .
وأقول لشيخنا الكريم إن صحّ أنكم ما زلتم تتساهلون فهذا لا يطعن في علمكم وأذكركم بقول الشاعر :
واللهِ لَوْ صَحِبَ الإِنْسَانُ جِبْرِيْلا *** لَمْ يَسْلَمِ الْمَرْءُ مِنْ قَالٍ وَمِنْ قِيْلا
قَدْ قِيْلَ فِي اللهِ أَقْوَالٌ مُصَنَّفةٌ *** تُتْلَى إِذَا رُتِّل القُرْآن تَرْتِيَلا
قَدْ قِيْلَ أَنَّ لَهُ وَلَدًا وَصَاحِبَةً *** زُوْرًا عَلَيْهِ وَبُهْتَانًا وَتَضْلِيْلا
هَذَا قَوْلُهُمْ فِي اللهِ خَالِقِهِمْ *** فَكَيْفَ لَوْ قِيْلَ فِيْنَا بَعْضُ مَا قِيْلا

وأذكركم بالنصيحة وأرجو أن تقبلها كما عهدناك ((نرجو أن لا تتساهل في الإجازة ، ونرجو أن لا تعطي الإجازة إلا لمن يستحقها ، سواء بأن يختم ختمة كاملة بإتقان أو أن يكون ختم على شيوخ آخرين قبلك بإتقان وأجيز منهم ؛ فتكون الإجازة متابعة ؛ لئلا يصدر عن إجازتكم طلاب لا يعرفون ما يقرؤون ولا كيف يقرؤون فيَضِلُّوا ويُضِلُّوا ، وسيحاسبكم الله على هذه الأمانة)) .وختامًا أقول لمن يطعن في علم الشيخ ينبغي أن نحسن الظن بالعلماء بل بكل المسلمين ، وأن لا نتهم النوايا قال الله تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)) (12 الحجرات) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا» رواه البخاري (6064) (8/19) ، ومسلم (2563) .
قال الإمام القرطبي رحمه الله : ((وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الظَّنَّ الْقَبِيحَ بِمَنْ ظَاهِرُهُ الْخَيْرُ لَا يَجُوزُ)) (تفسير القرطبي 16/332) .
قال ابن عساكر رحمه الله (اعلم يا أخي وفقني الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب بلاه الله قبل موته بموت القلب)
وهذا رابط محاضرة نافعة لعالم فاضل يرجى قراءتها : http://www.islamdoor.com/k9/masmoma.htm
اذهبوا فتعلموا من الدكتور سعيد ، وإن كنتم ترون أنه ما زال متساهلا فاقبلوا العلم ولا تقبلوا الإجازة ، ولن أتحدث في هذا الأمر مع أحد بعد هذا المقال ، وفي هذا القدر الكفاية لمن شاء الله له الهداية ، والحمد لله رب العالين ، وصلّ اللهم وسلّم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


الكــاتــب

    • مشاركة

هناك تعليقان (2):

جميع الحقوق محفوظة لــ مَقْرَأَةُ الدُّرَّة الْمُضِيَّة العالمية للعلوم العربيّة والإسلاميّة 2019 ©