موضوع عشوائي

آخر المواضيع

سلسلة بيتًا بيتًا لحفظ الشاطبية في القراءات السبع مع التعليق الصوتي على الوافي - مقدمة والأبيات (1 : 10)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سلسلة بيتًا بيتًا لحفظ الشاطبية في القراءات السبع


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مَتْنُ الشَّاطِبِيَّةِ

الْمُسَمَّى

حِرْزُ الأَمَانِي وَوَجْهُ التَّهَانِي فِي الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ
لِلْإِمَامِ أَبِي الْقَاسِمِ وَأَبِي مُحَمَّدٍ الْقَاسِمِ بْنِ فِيرُّهْ بْنِ خَلَفِ بْنِ أَحْمَدَ الرُّعَيْنِيِّ الشَّاطِبِيِّ (الْمُتَوَفَّى: 590 هـ) رَحِمَهُ اللهُ


ضَبَطَهُ وَصَحَّحَهُ وَقَدَّمَهُ
إسْمَاعِيلُ الشَّرْقَاوِيُّ
مجازٌ بالقراءات العشر


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم النبيين وإمام المرسلين وقدوة المقرئين سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد ...
فهذه منظومة الشاطبية أو حرز الأماني ووجه التهاني - كما سمّاها ناظمها الإمام الشاطبي رحمه الله - في حلّة بهيّة جديدة ، نقدمها للقارئ الكريم سائلين الله تعالى أن ينفع بها من قرأها ، وكان الهدف من نظم الإمام الشاطبي هذا المتن تسهيل علم القراءات على طلاب هذا العلم ، وقد جرت العادة عند أئمة السلف الصالح - رضوان الله عليهم - أن يقرءوا القرآن الكريم برواياته إفرادًا ثم جاء قوم فأفردوا القراءات ثم أرادوا أن يجمعوا السبع أو العشر في ختمة لتقوية الاستحضار واختصارًا للوقت فجاء الإمام الشاطبي وذلل هذا الأمر لطالبيه فصنّف أول نظم في هذا العلم بهذا الأسلوب الفريد ، جمع الشاطبي رحمه الله أسماء الرواة والقراء ورمز لهم مجتمعين ومنفردين ، ثم وزع هذه الرموز على الأصول وأحرف الخلاف اختصارًا لما نقله الإمام أبو عمرو الداني (ت :444هـ) في كتابه "التيسير في القراءات السبع" ، وقد كتب الله لهذا المتن القبول عند كثير من الناس ؛ لسهولة ألفاظه وعذوبة معانيه ، مع ما أوضحه من مبهم ، وإفصاحه لما استعجم ، نعم في حفظه صعوبة ؛ لأنه ليس قرآنا ، ولكن كما قال البارودي (ت 1322 هـ) :
ومن تكن العلياءُ همةِ نفسهِ ... فكلُّ الذي يلقاه فيها محببّ
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في الشاطبية : لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهَا وَلَا يُلْحَقُ فِيهَا، وَفِيهَا مِنَ الرُّمُوزِ كُنُوزٌ لَا يَهْتَدِي إِلَيْهَا إِلَّا كُلُّ نَاقِدٍ بَصِيرٍ، هَذَا مَعَ أَنَّهُ ضَرِيرٌ، رحم الله الإمام الشاطبي وأسكنه فسيح جناته ، وبالله التوفيق .
منهجنا في تحقيق هذا النظم
1- ضبط المتن وفقًا لما تلقيته مع متابعة بعض النسخ ومخطوطة كتبت سنة 959 هـ .

2- تلوين الرموز وأسماء الرواة والقراء باللون الأحمر .
3- وضع فواصل بين بعض الكلمات ؛ لئلا يتصل الكلام ببعضه فيوهم معنًى آخر ، وهذا يُسَهِّل الحفظ ، وهو ما يسمّى بالقراءة الاصطلاحية للمتن .
4- توضيح ما أبهم من بعض أسماء القراء والرواة ، وكذلك الضمائر ، وإلى من تعود .
5- ترجمة للناظم الإمام الشاطبي رحمه الله .
6- وضع مقدمة للبحر الشعري الذي سار عليه الناظم رحمه الله في متنه .






الإسناد الذي أدى إلينا هذا المتن
قرأت هذا النظم كاملًا على فضيلة الشيخ عادل بن غنيمي محمد الباز حفظه الله (1) ، وأخبرني أنه قرأه على فضيلة الشيخ عبد السميع محمد بسيوني (وقد قرأت عليه بعض القرآن وأجازني) رحمه الله (2) ، وهو عن الشيخ عبد اللطيف محمد الدويك رحمه الله (3) ، وهو عن الشيخ الهمام إبراهيم أحمد سلام المالكي شيخ القراء والإقراء في وقته بالجامع الاحمدي بطنطا (4) ، وهو عن الشيخ أحمد مصطفى مراد المرحومي (5) ، وهو عن الشيخ على حسن أبي شبانة المرحومي (6) ، وهو عن الشيخ علي صقر الجوهري المرحومي (7) ، وهو عن خاتمة هذا الفن سيدي الشيخ مصطفى الميهي (8) ، وهو عن الشيخ سالم النبتيتي رحمه الله (9) ، وهو عن الشيخ علي البدري الشافعي (10) ، وهو عن الشيخ أحمد الإسقاطي الحنفي (11) ، وهو عن الشيخ أبي السعود أبي النور ، والعلامة المحقق شمس الدين المنوفي ، والشهاب أحمد البنا (12) ، وهم عن الضياء سلطان بن أحمد المزاحي (13) عن سيف الدين عطاء الله الفضالي (14) عن علي بن علي الشبراملّسي (15) ، وهو عن الزّين عبد الرحمن بن العلامة شحاذة اليمني (16) ، وهو عن والده العلامة شحاذة اليمني المذكور (17) ، وهو - بعلوٍ - عن الشيخ / عليّ بن غانم المقدسي (18) ، وهو عن الشيخ / محمد بن إبراهيم السمديسي (19) ، وهو عن الشيخ / الشهاب أحمد بن أسد الأُمْيُوطي (20) ، وهو عن العلامة شيخ القراء وإمام الحفاظ العلامة أبي الخير محمد بن محمد بن محمد بن الجزري (751-833هـ) (21) ، وهو عن الشيخ أبي محمد عبد الرحمن بن أحمد البغدادي (22) ، وهو عن العلامة أبي عبد الله محمد بن الصائغ (23) ، وهو عن الشيخ أبي الحسن علي بن شجاع بن سالم بن علي بن موسى العبّاسي الضرير ، صهر الشاطبي (24) ، وهو عن شيخ القراء الإمام / أبي القاسم بن فيرّه بن خلف بن أحمد الرعيني الشاطبي الضرير (538-590 هـ) .
كما قرأت الأصول (444 بيتًا) على فضيلة الشيخ محمد يونس عبد الغني الغلبان حفظه الله ، والذي تلقيت عليه القراءات السبع بمضمن الشاطبية ، قال شيخنا الفاضل المتقن : محمد يونس عبد الغني الغلبان (ولد 1365هــ - 1946م) (1) حفظه الله تلقيت القراءات السبع من طريق الشاطبية عن فضيلة الشيخ العلامة / الفاضلي بن علي أبو ليلة الدسوقي (1285 – 1385 هـ) (2) ، وهو عن العلامة / عبد الله بن عبد العظيم الدسوقي (كان حيًّا 1268 – ت بعد 1300 هــ) (3) ، وهو عن الشيخ عليّ الحدّاديّ الأزهري (من علماء القرن الثالث عشر الهجري) (4) ، وهو عن الشيخ العلامة / إبراهيم العبيدي المالكي الأزهري (كان حيًا 1233 هـ) (5) ، وهو علي العالم المحقق الشيخ / عبد الرحمن بن حسن بن عمر الأجهوري المالكي شيخ قراء مصر (ت1198 هـ ) (6) ، وهو على الشيخ / أبي السماح أحمد البقري (كان حياً سنة 1140ه – ت 1189 هــ) (7) ، عن شيخ الإقراء في مصر الشيخ / محمد بن قاسم البقري (ت 1111 هــ) (8) ، وهو عن الشيخ / عبد الرحمن شحاذة اليمني (ت 1050 هــ) (9) ، وهو عن الشيخ / عليّ بن غانم المقدسي (920 – 1004هـ) (10) ، وهو عن الشيخ / محمد بن إبراهيم السمديسي (853-932 هـ ) (11) ، وهو عن الشيخ / الشهاب أحمد بن أسد الأُمْيُوطي (808-872 هـ) (12) ، وهو عن العلامة شيخ القراء وإمام الحفاظ العلامة الشيخ أبي الخير محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف بن الجزري (751-833 هـ) (13) ، وأخذ العلامة ابن الجزري طريق الشاطبية عن الشيخ أبي محمد عبد الرحمن بن أحمد البغدادي الشافعي شيخ الإقراء بالديار المصرية في وقته (702-781 هــ) (14) ، وهو عن العلامة أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الخالق المصري الصائغ (636-725 هــ) (15) ، وهو عن الشيخ أبي الحسن علي بن شجاع بن سالم بن علي بن موسى العبّاسي الضرير صهر الشاطبي المعروف بالكمال الضرير (572-661 هــ) (16) ، وهو عن شيخ القراء الإمام / أبي القاسم بن فيرّه بن خلف بن أحمد الرعيني الشاطبي الضرير صاحب حرز الأماني ووجه التهاني (538-590 هـ) .


ترجمة الإمام الشاطبي رحمه الله (538 - 590 هـ / 1144 – 1194 م)
هو القاسم بن فِيرُّه (الحديد باللاتيني) بن خَلَف بن أحمد الرُّعَيْنِيُّ (نسبة إلى ذي رُعَيْنٍ أحد ملوك اليمن) الأندَلُسيِّ أبو محمد الشاطبي إمام القراء في عصره ، له كنيتان أَبُو مُحَمَّد وَأَبُو الْقَاسِم (1) ولد فِي آخر سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة بشاطبة (مدينة في شرقي الأندلس وقرطبة (شرق إسبانيا حاليًا) ) ، وتفننّ فى قراءة القرآن والقراءات وهو حدث، أخذ القراءات في الأندلس عن الشيخ الإمام الزاهد أبى الحسن بن هُذَيْل، عن أبى داود، عن أبى عمرو الدّانى. وأخذها أيضا عن أبى عبد الله محمد بن أبى العاص النَّفْرِىّ، وكتبا له بذلك بخطهما، وطوّلا في الذى كتباه تطويلا يدل على الاعتناء به. فأما خطّ النفرى له فكان في شهر ربيع الآخر عام خمسة وخمسين وخمسمائة. وارتحل إِلَى بَلَنْسِيَة (بلدة بشرق إسبانيا حاليًا ،
وبين شاطبة وبلنسية 50 كيلو متر تقريبًا ) فَقَرَأَ القراءات وَعرض التَّفْسِير حفظا على أبي الْحسن بن هُذَيْل ، وَسمع مِنْهُ وَمن أبي الْحسن بن النِّعْمَة وَأبي عبد الله بن سَعَادَة وَجَمَاعَة ، وقرأ الناس عليه في بلده، واستفادوا منه قبل سن التكهّل ، ورحل الشاطبي إلى المشرق للحجّ، قَالَ أَبُو شَامَةَ : أَخْبَرَنَا السَّخَاوِيُّ: أَنَّ سَبَبَ انتِقَال الشَّاطِبِيِّ مِنْ بَلدِه أَنَّهُ أُرِيْدَ عَلَى الخَطَابَةِ، فَاحتجَّ بِالحَجِّ، وَتركَ بَلَدَهُ، وَلَمْ يَعد إِلَيْهِ تَوَرُّعاً مِمَّا كَانُوا يُلزمُوْنَ الخُطَبَاءَ مِنْ ذِكرهِمُ الأُمَرَاءَ بِأَوْصَافٍ لَمْ يَرهَا سَائِغَةً، وَصبرَ عَلَى فَقرٍ شَدِيدٍ، وَسَمِعَ مِنَ السِّلَفِيِّ (أبي طاهر : ت 576) ، فَطَلَبَهُ القَاضِي الفَاضِلُ لِلإِقْرَاءِ بِمَدْرَسَتِه، فَأَجَابَ عَلَى شُرُوْطٍ ، فاستوطن مصر ، وتصدّر في جامع عمرو بن العاص للإقراء والإفادة ، قَالَ السَّخَاوِيُّ: أَقطعُ بِأَنَّهُ كَانَ مكَاشَفاً، وَأَنَّهُ سَأَلَ اللهَ كَفَّ حَالِه. ا هـ ، كان رحمه الله عالما بكتاب الله تعالى؛ من قراءته وتفسيره. وبحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مبرّزا فيه، وكان إذا قرئ عليه البخارىّ ومسلم والموطّأ، تصحّح النّسخ من حفظه، ويملي النكت على الموضع المحتاج إلى ذلك فيها. وكان حافظًا للحديث، مبرّزا في علم النحو والعربية. إمامًا علامة كثير الفنون ، منقطع القرين، رأسًا في القراءات، عالما بعلم الرؤيا، حسن المقاصد، مخلصا فيها، يقول ويفعل ، موصوفًا بالزهد والعبادة والانقطاع ، وكان يجتنب فضول القول، ولا يتكلّم في سائر أوقاته إلا بما تدعو إليه ضرورة، ولا يجلس للإقراء إلا على طهارة، وفي هيئة حسنة، وخضوع واستكانة، ويمنع جلساءه من الخوض والحديث إلّا في العلم والقرآن، وكان يعتلّ العلّة الشديدة ولا يشتكى ولا يتأوّه، وإذا سئل عن حاله قال: العافية، ولا يزيد على ذلك. وكان يجلس إليه من لم يعرفه فلا يرتاب في أنّه مبصر، لأنه لذكائه لا يظهر منه ما يظهر من الأعمى في حركاته.
روى عَنهُ جماعة ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ القراءات جماعات ، تصدر للإقراء بِمصْر وَعظم شَأْنه وَبعُد صيته وانتهت إِلَيْهِ رياسة الإقراء ، وَقُصد من أنحاء الْبِلَاد ، ولمافتح الله بيت المقدس على يد الناصر صلاح الدين الأيوبي توجه الإمام الشاطبي إلى بَيْت المَقْدِسِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ فزاره والتقى به ، ثم عاد إلى مصر وظل يقرئ بها حتى توفّاه الله ، في يوم الأحد بعد صلاة العصر، وهو اليوم الثامن من بعد العشرين من جمادى الآخرة، سنة تسعين وخمسمائة الموافق : 19 / 6 / 1194 م ، ودفن يوم الاثنين في المقبرة المعروفة بالقرافة الصغري بالقرب من سفح جبل المقطم بمصر ، رحمه الله رحمةً واسعةً.
من مؤلفاته 1- منظومة حرز الأماني ووجه التهاني النظم المشهور بالشاطبية ، والذي نحن بصدد تحقيقه ، وفيها وفي الرائية قال السيوطي خضع لهما فحول الشعراء وحذاق القراء ، وقال الشاطبي رحمه الله: لا يقرأ أحد قصيدتى هذه إلا ونفعه الله عزّ وجلّ بها، لأنّى نظمتها لله تعالى. 2- منظومة عقيلة أتراب القصائد، في أسنى المقاصد (أو الرائية) في علم الرسم المصحف .3- منظومة ناظمة الزهر في علم عدد الآي . 4- نظم في كتاب «التمهيد» لابن عبد البرّ رحمه الله قصيدة داليّة في خمسمائة بيت ، من حفظها أحاط بالكتاب علمًا .(2)



(1) حكم التسمي والتكني بالقاسم وأبي القاسم : روى الشيخان عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: دَعَا رَجُلٌ بِالبَقِيعِ يَا أَبَا القَاسِمِ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: لَمْ أَعْنِكَ قَالَ: «سَمُّوا بِاسْمِي، وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي» . البخاري (2121) (3/66) ، ومسلم (2131) (3/1682) . وقد ذكر سبب الحديث الإمام السيوطي (ت 911هـ) رحمه الله في اللُّمَعِ في أسباب ورود الحديث ؛ فليس النهي مطلقًا يسري على مرِّ العصور ، قال الإمام أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي الشافعي (ت 676 هـ) رحمه الله : "ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ جَابِرٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تكنوا بكنيتي) وصح عن على أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ (قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ وُلِدَ لِي مِنْ بَعْدِك وَلَدٌ أُسَمِّيهِ بِاسْمِك أَوْ أُكَنِّيهِ بِكُنْيَتِك قَالَ نَعَمْ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ (صحيح رواه أبو داود في سننه (4967) (4/292) ، والترمذي (2843) (5/173) وغيرهما) ، ثم قال النووي رحمه الله : * وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي التَّكْنِيَةِ بِأَبِي الْقَاسِمِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ (أَحَدُهَا) مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ (ت 204هـ) أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُكْنَى بِأَبِي الْقَاسِمِ سَوَاءٌ كَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا أَمْ غَيْرَهُ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَمِمَّنْ نَقَلَ هَذَا النَّصَّ عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا الْأَئِمَّةُ الْحُفَّاظُ الثِّقَاتُ الْأَثْبَاتُ الْمُحَدِّثُونَ الْفُقَهَاءُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي بَابِ الْعَقِيقَةِ مِنْ سُنَنِهِ رَوَاهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ بِإِسْنَادِهِ الصَّحِيحِ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيّ (ت 510هـ) فِي كِتَابِهِ التَّهْذِيبِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ النِّكَاحِ وَأَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ (ت 571هـ) فِي تَرْجَمَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ تَارِيخُ دِمَشْقَ وَحَمَلَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ حَدِيثَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى التَّرَخُّصِ لَهُ وَتَخْصِيصِهِ مِنْ الْعُمُومِ وَمِمَّنْ قَالَ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ (وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي) مَذْهَبُ مَالِكٍ (179هـ) أَنَّهُ يَجُوزُ التَّكَنِّي بِأَبِي الْقَاسِمِ لِمَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ وَلِغَيْرِهِ وَيُجْعَلُ النَّهْيُ خَاصًّا بِحَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(وَالثَّالِثُ) لَا يَجُوزُ لِمَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ وَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ * وَقَالَ الرَّافِعِيُّ (ت623هـ) فِي كِتَابِ النِّكَاحِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الثَّالِثُ أَصَحَّ لِأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَزَالُوا يَكْتَنُونَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هَذَا الثَّالِثُ فِيهِ مُخَالَفَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلْحَدِيثِ (وَأَمَّا) إطْبَاقُ الناس على فعله من أَنَّ فِي الْمُتَكَنِّينَ بِهِ وَالْكَانِينَ الْأَئِمَّةَ الْأَعْلَامَ وَأَهْلَ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَاَلَّذِينَ يُقْتَدَى بِهِمْ فِي أَحْكَامِ الدِّينِ فَفِيهِ تَقْوِيَةٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ وَيَكُونُونَ فَهِمُوا مِنْ النَّهْيِ الِاخْتِصَاصَ بِحَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ سَبَبِ النَّهْيِ فِي تَكَنِّي الْيَهُودِ بِأَبِي الْقَاسِمِ وَمُنَادَاتِهِمْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ لِلْإِيذَاءِ وَهَذَا الْمَعْنَى قَدْ زَالَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " . ا.هـ (المجموع شرح مهذب الشيرازي (ت 476هـ) للنووي (ت 676 هـ) مع تكملة تقي الدين السبكي (ت 756 هـ) ومحمد نجيب المطيعي (ت 1406 هـ) (8/439 ، 440) . قلت : والمُتَكَنّوْن بأبي القاسم من العلماء كثيرون – لعلي أجمع أكثرهم في رسالة بإذن الله - ، وأذكر منهم هنا على سبيل المثال لا الحصر : إمامنا أبو القاسم الشاطبي ، وأبو القاسم شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الدمشقي المعروف بأبي شامة (شارح الشاطبية المتوفى: 665هـ) ، وأبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر (صاحب تاريخ دمشق ، ت 571هـ) ، وسليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي، أبو القاسم الطبراني (صاحب المعاجم الثلاثة ، ت 360هـ) ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الغَافِقِيُّ، الجَوْهَرِيُّ المالكي (صاحب مسند الموطأ ، ت 381هـ) ، أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهانى (صاحب مفردات القرآن ، ت 502هـ) ، محمود بن حمزة بن نصر، أبو القاسم برهان الدين الكرماني، ويعرف بتاج القراء (صاحب أسرار التكرار ، ت نحو 505هـ) ، أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جُزَيٍّ الكلبي الغرناطي (صاحب التفسير ، ت 741هـ) ، أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الرازي اللالكائي (صاحب شرح أصول الاعتقاد 418هـ) ، وقد سميت ولدي الثاني - حفظه الله وبارك فيه - القاسمَ ؛ تفاؤلا باسمه وكنيته ورجاءَ أن يكون ولدي كالإمام الشاطبي رحمه الله في علم القراءات ، فاللهم لا تخيب رجاءنا بذنوبنا ، وبالله التوفيق .
(2) مراجع الترجمة : (الذهبي 21/261) ، (طبقات الشافعية للسبكي 7/271 ، 272) ، (إنباه الرواة للقِفْطِي 4/160) (البداية والنهاية لابن كثير 16/666) .
  





مقدمة في بحر الطويل الذي نُظِمَتْ عليه القصيدة
بحر الطويل من البحور المركبة ؛ فهو يتكون من تفعيلتين ، مجموع تفعيلاته ثمان (أربع في الشطر الأول وأربع في الشطر الثاني) .(2) ، ومفتاح الطويل هو كما قال صفي الدِّين الْحُلِي :
طويل له دون البحور فضائلٌ...فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
وللبحر الطويل ثلاث صور مشهورة هي :
1- عروض مقبوض وضرب صحيح .

والعروض هو آخر تفعيلة في الشطرة الأولى ، والضرب آخر تفعيلة في الشطرة الثانية، والقبض حذف الساكن الخامس ؛ فتتحول مفاعيلن إلى مفاعلن .
ومثاله : فَمَا فِيكَ مِنْ نَقْصٍ وَلَكِنَّمَا الْهَوَى ... نَوَازِعُ شَتَّى لَا تُقَرُّ عَلَى حَالٍ
//0 /0/ /0 /0/0 //0/0// 0//0 .... //0// /0/0 /0 //0/ //0 /0/0
فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ فَعُولُنْ مَفَاعِلُنْ .... فَعُولُ مَفَاعِيلُنْ فَعُولُ مَفَاعِيلُنْ
2- عروض مقبوض وضرب مقبوض ، فتكون الصورة :
فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ فَعُولُنْ مَفَاعِلُنْ ... فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ فَعُولُنْ مَفَاعِلُنْ

3- عروض مقبوض وضرب محذوف . والحذف هو إلغاء السبب الأخير من آخر التفعيلة ؛ مفاعيلن : تتحول إلى مفاعي ، وهي (فَعُولُنْ) ، وبذلك تكون الصورة :
فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ فَعُولُنْ مَفَاعِلُنْ ... فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ فَعُولُنْ فَعُولُنْ




ما يدخل هذا البحر من زحافات وعلل (3)
يجوز في حشو بحر الطَّوِيل (4) :
1- الْكَفّ : وهو حذف السابع الساكن (مَفَاعِيـلُنْ) تتحول إلى : (مَفَاعِيلُ) .
2- الْقَبْض : وهو حذف الخامس الساكن (مَفَاعِيـلُنْ) تتحول إلى (مَفَاْعِلُنْ)، وكذلك (فَعُولُنْ) تتحول إلى (فَعُولُ) ، ولا يصحّ اجتماع الكفّ والقبض في (مَفَاعِيلُنْ) ، والْكَفّ والْقَبْض إذا وقعا في جزء أو جزأين قُبِلا، فإن زادا عن ذلك لم يتقبلهما الذوق السليم.
3- الْخَرْم : وهو حذف أول الوتد المجموع من أول التفعيلة ، ويكون ذلك في تفعيلته الأولى : (فَعُوْلُنْ) إن كانت التفعيلة سالمة تتحول إلى (عُولُنْ) ويُسَمَّى هذا ثَلْمًا، وأمّا إن كانت التفعيلة مقبوضة (فَعُولُ) تتحول إلى (عُولُ) ويُسَمَّى ذلك ثَرْمًا.
أما العروض والضرب
(العروض آخر الشطر الأول ، والضرب آخر الشطر الثاني)
فالْقَبْض واجب في عَرُوضه دائمًا إلا في حالة سيأتي ذكرها ، ويمتنع الْكَفّ في (مَفَاْعِيْلُنْ) ، وفي (مَفَاعِلُنْ) كما يمتنع الْقَبْض في (فَعُولُنْ) إذا وقعن ضروبا تحاشيا للوقوف على حركة قصيرة .
(*) الحالة التي يصح فيها أن تأتي عروض الطويل سالمة (مَفَاْعِيْلُنْ) هي التصريع ، والتصريع هو اتفاق العروض مع الضرب في الوزن زيادةً أو نقصانًا ، ولا يلتزم ، وغالبا ما يكون في البيت الأول ؛ ليدل على ابتداء القصيدة ، وهو واقع في كل البحور ، ومثاله قول الإمام الشاطبي :1 - بَدَأْتُ بِبِسْمِ اْللهِ فِي النَّظْمِ أوَّلَا ... تَبَارَكَ رَحْمَانًا رَحِيمًا وَمَوْئِلَا



ـــــــــــــــــــــــــ
(1) مراجع الترجمة : (الذهبي 21/261) ، (طبقات الشافعية للسبكي 7/271 ، 272) ، (إنباه الرواة للقفطي 4/160) (البداية والنهاية لابن كثير 16/666) .
(2) وسمّي طويلًا ؛ لأن عدد حروفه يبلغ ثمانية وأربعين حرفًا في حالة التصريع ، وقيل لأنه طال بتمام أجزائه ، فهو لايستعمل مجزوءًا ولامشطورًا ولامنهوكًا , فالمجزوء هو حُذِفَ جزء من آخر الشطرين فيه , والمشطور ما حُذِفَ نصفه ، وأصبح الشطر الثاني بيتًا ، وأما المنهوك فهو ما سقط ثلثاه ، وأصبحت تفعيلته الأخيرة بيتًا .

(3) الزحاف يدخل جميع أجزاء البيت ويختص بالأسباب وإن عرض لا يلزم ، والعلة تكون في العروض والضرب فقط وتدخل الأسباب والأوتاد وإذا وقعت لزمت . (4) الحشو ما دون التفعيلة الأخيرة من آخر الشطرين .


الْمُقَدِّمَةُ (عدد أبياتها 94)
1 - بَدَأْتُ بِبِسْمِ اْللهِ فِي النَّظْمِ أوَّلَا ... تَبَارَكَ رَحْمَانًا رَحِيمًا وَمَوْئِلَا

2 - وَثَنَّيْتُ صَلَّى اللهُ رَبِّي عَلَى الرِّضَا ... مُحَمَّدٍ الْمُهْدَى إِلَى النَّاسِ مُرْسَلَا
3 - وَعِتْرَتِهِ ثُمَّ الصَّحَابَةِ ثُمّ مَنْ ... تَلاَهُمْ عَلَى الْإِحْسَانِ بِالْخَيْرِ وُبَّلَا
4 - وَثَلَّثْتُ أَنَّ الْحَمْدَ لِلّهِ دَائِمًا ... وَمَا لَيْسَ مَبْدُوءًا بِهِ أَجْذَمُ الْعَلَا
5 - وَبَعْدُ فَحَبْلُ اللهِ فِينَا كِتَابُهُ ... فَجَاهِدْ بِهِ حِبْلَ الْعِدَا مُتَحَبِّلَا
6 - وَأَخْلِقْ بِهِ إِذْ لَيْسَ يَخْلُقُ جِدَّةً ... جَدِيدًا مُوَالِيهِ عَلَى الْجِدِّ مُقْبِلَا
7 - وَقَارِئُهُ الْمَرْضِيُّ قَرَّ مِثَالُهُ ... كَالُاتْرُجِّ حَالَيْهِ مُرِيحًا وَمُوكِلَا
8 - هُوَ الْمُرْتَضَى أَمًّا إِذَا كَانَ أُمَّةً ... وَيَمَّمَهُ ظِلُّ الرَّزَانَةِ قَنْقَلَا
9 - هُوَ الْحُرُّ إِنْ كَانَ الْحَرِيَّ حَوَارِيًا ... لَهُ بِتَحَرِّيهِ إلَى أَنْ تَنَبَّلَا
10 - وَإِنَّ كِتَابَ اللهِ أَوْثَقُ شَافِعٍ ... وَأَغْنَى غَنَاءٍ وَاهِبًا مُتَفَضِّلَا
لاستماع تعليقي الصوتي على شرح الأبيات من كتاب "الوافي" للعلامة عبدالفتاح القاضي - رحمه الله - اضغط على الرابط :
http://www.4shared.com/music/3ecmE82h/_1_onl ine.html

 

الأبيات (1 : 99) بصوت الشيخ مشاري راشد - حفظه الله - :
https://www.youtube.com/watch?v=HUW0B33WT5k.
https://www.youtube.com/watch?v=v-LVhz_ug_0
 

الكــاتــب

    • مشاركة

هناك تعليق واحد:

جميع الحقوق محفوظة لــ مَقْرَأَةُ الدُّرَّة الْمُضِيَّة العالمية للعلوم العربيّة والإسلاميّة 2019 ©