موضوع عشوائي

آخر المواضيع

سلسلة الأسئلة والفتاوى العلمية 67 - رسالة لزوج مُقَصِّر

بسم الله الرحمن الرحيم


س 67 : دارت خصومة بيني وبين زوجي فهجرني وأنا أحبه كثيرا ؛ فهل لك أن توجه إليه رسالة ؟

ج 67 :  الرسالة 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . حياكم الله أخي الحبيب .
يقول الله - سبحانه وتعالى - : ((فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا)) (النساء 129) ، ويقول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : "اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ" (1)  أي أسيرات ، وقال : "أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيمِ، وَالْمَرْأَةِ " . (2)
أنت كرجل تختلف في بِنْيَتِك وتفكيرك عن زوجتك كامرأة ، فلا داعي لفتح أبواب النقاش فيما اختلفتم فيه ، يقول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ" . (3)  ؛ فاستعن بالله وارجع إلى بيتك وأولادك وأكثرا من تلاوة القرآن وتذكرا الساعات السعيدة التي قضيتموها معا في أول الزواج وغيرها من أوقات السرور ، وتسامحا فيما بينكما إن أردتما أن يسامحكما الله - تعالى - ، قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - :
"ارْحَمُوا تُرْحَمُوا ، وَاغْفِرُوا يَغْفِرِ اللهُ لَكُمْ " . (4)
ما رأيك تذهبان في رحلة عمرة معا ، وإن أمكن اتركا الأولاد عند بعض الأقارب واذهبا بغيرهم  ، وهناك - في الحرمين الشريفين - تحتفلان بفرح جديد وكأنكما عروسان جديدان ، ما المانع ؟! هيا تجهزا وتوكلا على الله ، الدنيا أقصر من أن نشغل أنفسنا بأخطاء الآخرين ، وكلنا مخطؤون ، قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» . (5)  
 هيا اتصل الآن بشركات السياحة واعرف تفاصيل رحلة العمرة واقطع لك ولزوجك تذكرتين ، وجددا النية ، أنتما معا تنويان التوبة إلى الله وينوي كل منكما إدخال السرور على الآخر ، وهذا من أحب الأعمال إلى الله - عَزَّ وجَلَّ - كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -  . (6)

 أنفق أخي الحبيب على زوجك وضع في فمها الطعام فإن حبيبك - صلى الله عليه وسلم - كان خير الناس لأهله ، ويقول : "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي" . (7) ، وقال :  «إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فَمِ امْرَأَتِكَ» . (8)  ، ويقول : «دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ» . (9)  ؛ لأنك عندما تنفق على زوجك إنما تنفق على نفسك في الأصل ، لستما اثنين بل واحد ، واقرء إن شئت قول الله - تعالى - : ((خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا)) (النساء 1) ؛ فهيا بادرا لاستعادة نصفكما الآخر . أسأل الله أن يبارك لكما وأن يبارك عليكما وأن يجمع بينكما في خير ، ومبارك عليكما يا أسعد عروسين بإذن الله .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حسن ، رواه الترمذي (1163) (3/ 459) وابن ماجه (1851) (1/ 594) وغيرهما .

(2) حسن ، رواه ابن ماجه (3678) (2/ 1213) وأحمد (9666) (15/ 416) وغيرهما .
(3) رواه البخاري (6018) (8/ 11) ومسلم (47) (1/ 68) .
(4) صحيح ، رواه أحمد (6540) (11/ 99) والبخاري في الأدب (380) (1/ 138) وغيرهما ، ولعل الآية الكريمة ((وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)) (التغابن 14) تشير إلى ما ذكرت ، والله أعلم .
(5) حسن ، رواه ابن ماجه (4251) (2/ 1420) وعَبْدُ بن حُمَيْدٍ في المنتخب (1197) (1/ 360) وغيرهما .
(6)  عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا، أَوْ تُطْرَدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلِأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ، شَهْرًا، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ، مَلَأَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَلْبَهُ أَمْنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى أَثْبَتَهَا لَهُ أَثْبَتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدَمَهُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ» . صحيح ، رواه الطبراني في الأوسط (6026) (6/ 139) وأبو نُعَيْمٍ في الحلية (6/ 348) وغيرهما .
(7) صحيح ، رواه الترمذي (3895) (5/ 709) وابن ماجه (1977) (1/ 636) وغيرهما .  
(8) رواه البخاري (56) (1/ 20) ومسلم (1628) (3/ 1250) .
(9) رواه مسلم (995) (2/ 692) . 

الكــاتــب

    • مشاركة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ مَقْرَأَةُ الدُّرَّة الْمُضِيَّة العالمية للعلوم العربيّة والإسلاميّة 2019 ©