موضوع عشوائي

آخر المواضيع

نقولات وذكريات في فضل من علّم الناس ومات 11-فضيلة الشيخ عبد الحميد كشك رحمه الله و"رحلتي مع فارس المنابر"

بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الحادية عشرة :
فضيلة الشيخ عبد الحميد كشك رحمه الله
مُقَدِمَّةٌ "رحلتي مع فارس المنابر" - كتبه / إسماعيل الشرقاوي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام الدعاة وسيد الهداة سيدنا محمد صلِّ اللهم وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين . أما بعد ...
ففي هذا اليوم الأغَرِّ - هو "من أفضل الأيام وعيد المسلمين الأسبوعي" - أسرد سيرة عالم موسوعي لقي ربه يوم الجمعة ساجدًا ، كان إمامًا مُؤَثِّرًا قدوةً لأكثر خطباء عصره ، سُجِنَ أكثر من سنتين ظُلْمًا في سجن يوسف عليه السلام ، كان يزلزل عروش الطغاة في كل مكان بقول الله تعالى :

(( فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ)) (الحج 45) .
كان كفيف البصر ، حاد البصيرة ، حاضر الذهن ، سريع البديهة ، يخطب ارتجالا بالساعتين بكل قوة ولا يلْحَنُ في كلمة ، لا يُبْغِضُه إلا ظالمٌ أو جاهلٌ ، كان الشيخ رحمه الله يخاطب كل الفئات والمستويات ، وكلٌّ يجد عنده بُغْيَتَه ، الطفل والشاب والكهل والعجوز ، المرأة والرجل ، الأمي والمثقف ، والغني الفقير ، يحب الحكمة وينشرها ، عزيزُ النفس ، كُتِبَ في بيته :
يا بُنَيَّ لقد ذقت الطيبات كلَّها ... فلم أجد أطيب من العافية
وذقت المرارات كلَّها ... فلم أجد أمرَّ من الحاجة الى الناس
ونقلت الحديد والصخر ... فلم أجد أثقل من الدَّيْن
(1)
كنت وما زلت من أكثر الناس تأثرًا وانتفاعًا بكلامه ، فارس المنابر الذي علمنا الكثير ، جاهد في الله حق جهاده ، وقال الحق ولم نخاف في الله لومة لائم ، "هنا مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم" ، الجالس فيها يجب أن يؤدي التحية العاطرة لأمير الأنبياء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وتحيتي إليك يا سيدي يا أبا القاسم يا رسول الله هي الصلاة والسلام عليك" " البر لا يبلى والذنب لا ينسى والديان لا يموت ، اعمل ما شئت فكما تدين تدان ، يا نائم الليل مسرورا بأوله إن الحوادث قد يأتين أسحارًا".
جمعت مجالسه بين الترغيب والترهيب ، والضحك والبكاء ، ولم أشرف بلقائه رغم معاصرتي له
؛
إذ كنت صغيرا غافلا وقتها ، ولما منّ الكريم بلطفه وأبصرت الطريق كان الرجل قد رحل من دار الفناء إلى دار البقاء ، لكني تشرف بمجالسة بعض من جالسوه وحضروا له ، وكنت أسافر خصيصًا لأستأجر حاسوبًا لسويعات كل أسبوع لأستمع بعض مجالسه عبر الإنترنت في أول ظهوره .

ما دخلت حقل الخطابة إلا من بابه رحمه الله ، خطبت يوما في مسجد جامع بأسلوبه وكلامه وكأنه هو ، ليس تصنعا وإنما كأني طبعت بشخصيته وأسلوبه في الخطابة ، ونصحت يومها وزير الإعلام ، ولعل خاطبت حكام العرب "قولوا لي بربكم ماذا قدمتم لدين الله؟!"، وحضر لي شيخنا الفاضل محمد السيد عبد الرحمن وكيل وزارة الأوقاف الأسبق رحمه الله ، وشيخنا الدكتور جميل علام حفظه الله ، وبعد نزولي قال لي : "لقد خطبتَ على طريقة الشيخ كشك وهاجمت بعض المسؤولين" ، وكان رئيس أمن الدولة حاضرًا ، ثم وجَّهَني ونصحني فجزاه الله خيرا على ما قدم لنا وأفادنا ، وإن كنت أختلف معه (د/جميل) في أمور ، إلا أن إنكار الفضل لؤم .
وأذكر أني تشرفت برؤية الشيخ كشك رحمه الله يوما في المنام وأنا أسير معه ، أصحبه إلى مسجد الجمعية الشرعية ببلدتنا ، وأذكر أني سألت عن توجهي فقال "عندك مكتبة أبيك" ؛ ورحم الله أبي فقد جمع بين القرآن الكريم واللغة الإنجليزية والفرنسية والعربية ، فسألت أخا لي في الله فقال انظر إلى الأغلب في مكتبة أبيك ، والمكتبة على تواضعها تزخر بكتب متنوعة في مختلف الفنون والعلوم ، ويشاء الله تعالى بتقديره وحكمته أن تقع يدي على "كيف يُتْلَى القرآن" للعلامة عامر عثمان رحمه الله ، و"هداية المريد إلى رواية أبي سعيد (ورش) شرح نظم المتولي للعلامة الضبَّاع ، ومنظومة الشاطبية ، و"حديث من القلب" للشيخ كشك ، وبعض كتب السيوطي والقشيري والشعراوي وغيرها ، وبدأت الرحلة التي أرجو الله أن تكون رحلة الخلود في جنات المعبود في الدنيا والآخرة .
ولا أنسي يوم طعن شاب غِرٌّ في الشيخ كشك رحمه الله - منذ سنوات - فشرعت في رسالة "إعلام القاصي والداني بفضل العالم الرباني" ، والتي لم أتمها إلى الآن لكثرة المشاغل ، والحق أنَّا مقصرون في حق ذلكم الجبل الأشَمِّ ، نسأل الله أن يغفر لنا تقصيرنا في حق كل من له فضل علينا ، كما أرجو الله سبحانه وتعالى برحمته وعفوه أن يرحم الشيخ رحمة واسعة ويسكنه فسيح جناته ، وأن يرفع درجاته في المهديين ، وأن يجمعنا وإياه وكل من نحب مع سيدنا وإمامنا وقدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى . والحمد لله رب العالمين ، وصلِّ اللهم وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين .


(1) "كما في حواره مع أ/محمود فوزي" ص 61، لتحميل الكتاب :
 
عبد الحميد كشك (1933م - 1996م). عالم وداعية إسلامي مصري، كفيف، يلقب بـفارس المنابر ومحامي الحركة الإسلامية[1]، ويعد من أشهر خطباء القرن العشرين في العالم العربي والإسلامي. له أكثر من 2000 خطبة مسجلة. خطب مدة أربعين سنة دون أن يخطئ مرة واحدة في اللغة العربية[2].

وُلد عبد الحميد بن عبد العزيز كشك في شبراخيت بمحافظة البحيرة يوم الجمعة 13 ذو القعدة 1351 هـ الموافق لـ 10 مارس 1933م، وحفظ القرآن وهو دون العاشرة من عمره، ثم التحق بالمعهد الديني بالإسكندرية، وفي السنة الثانية ثانوي حصل على تقدير 100%. وكذلك في الشهادة الثانوية الأزهرية وكان ترتيبه الأول على الجمهورية، ثم التحق بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر. وكان الأول على الكلية طوال سنوات الدراسة، وكان أثناء الدراسة الجامعية يقوم مقام الأساتذة بشرح المواد الدراسية في محاضرات عامة للطلاب بتكليف من أساتذته الذين كان الكثير منهم يعرض مادته العلمية عليه قبل شرحها للطلاب، خاصة علوم النحو والصرف.

عُين عبد الحميد كشك معيداً بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة عام 1957م، ولكنه لم يقم إلا بإعطاء محاضرة واحدة للطلاب بعدها رغب عن مهنة التدريس في الجامعة، حيث كانت روحه معلقة بالمنابر التي كان يرتقيها منذ الثانية عشرة من عمره، ولا ينسى تلك الخطبة التي ارتقى فيها منبر المسجد في قريته في هذه السن الصغيرة عندما تغيب خطيب المسجد، وكيف كان شجاعاً فوق مستوى عمره الصغير، وكيف طالب بالمساواة والتراحم بين الناس، بل وكيف طالب بالدواء والكساء لأبناء القرية، الأمر الذي أثار انتباه الناس إليه والتفافهم حوله.

بعد تخرجه من كلية أصول الدين، حصل على إجازة التدريس بامتياز، ومثل الأزهر الشريف في عيد العلم عام 1961م، ثم عمل إماماً وخطيباً بمسجد الطحان بمنطقة الشرابية بالقاهرة. ثم انتقل إلى مسجد منوفي بالشرابية أيضاً، وفي عام 1962م تولى الإمامة والخطابة بمسجد عين الحياة، بشارع مصر والسودان بمنطقة حدائق القبة بالقاهرة. ذلك المسجد الذي ظل يخطب فيه قرابة عشرين عاماً.
إن يأخذِ الله من عينيّ نورهما ففي فؤادي وعقلي عنهما نورُ
وفاته
قبل وفاته وكان يوم جمعة وقبل أن يتنفل قصَ على زوجته وأولاده رؤيا وهي رؤية النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب بالمنام حيث رأى في منامه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال له: "سلم على عمر"، فسلم عليه، ثم وقع على الأرض ميتا فغسله رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه. فقالت له زوجته: - وهي التي قصت هذه الرؤيا - علمتنا حديث النبي أنه من رأى رؤيا يكرهها فلا يقصصها. فقال الشيخ كشك: ومن قال لك أنني أكره هذه الرؤيا والله إنني لأرجو أن يكون الأمر كما كان. ثم ذهب وتوضأ في بيته لصلاة الجمعة وكعادته، بدأ يتنفل بركعات قبل الذهاب إلى المسجد، فدخل الصلاة وصلى ركعة، وفي الركعة الثانية، سجد السجدة الأولى ورفع منها ثم سجد السجدة الثانية وفيها توفي. وكان ذلك يوم الجمعة 25 رجب 1417 هـ الموافق لـ 6 ديسمبر 1996م. وكان يدعو الله من قبل أن يتوفاه ساجدا فكان له ما أراد.[5]
مقطع فيديو للشيخ رحمه الله :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) http://ahlalalm.org/vb/imgcache/21219.imgcac he
(2) http://www.jannah.com/akishk/images/page3.gi f
(3) سيرة الشيخ ومعلومات عن حياته من موقع طريق الإسلام
(4) http://www.jannah.com/akishk/images/page2.gi f
(5) . على موقع «يوتيوب».
وعلى الرابط تعليق للشيخ رجب زكي (لكن بالرابط موسيقى)
: http://www.youtube.com/watch?v=gp9XAlp4-7o
مصدر الترجمة من الموسوعة الحرة :
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D8%A8%D8 %AF_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D9%8A%D8%AF_%D9%83%D8%B4%D9%83< /a>
 

الكــاتــب

    • مشاركة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ مَقْرَأَةُ الدُّرَّة الْمُضِيَّة العالمية للعلوم العربيّة والإسلاميّة 2019 ©