موضوع عشوائي

آخر المواضيع

رسالتي إلى حواء بمناسبة اليوم العالمي للمرأة 1



بسم الله الرحمن الرحيم
رسالتي إلى حَوَّاء بمناسبة اليوم العالمي للمرأة  ...................      ناصح أمين
في أمريكا سنة 1945 م ولدت الطفلة جانيس هوف Janice Huff لأبوين غير مسلمين ، كانت شابَّة تعيش حياة راديكالية دينية مسيحية ، وكانت تعمل كصحفية إضافة إلى دورها التبشيري ، كانت تنظر إلى القرآن على أنه كتاب مزيف ، وترى العرب متخلفين وجاهلين ، ومع تفوقها الدراسي تم قبولها في منحة دراسية سنة 1975 هـ وتم قبولها ، ووقع اختيارها - عن طريق خطأ كمبيوتر - في فصول دراسية مع الطلاب العرب ، عملت ما بوسعها كي لا تكون معهم ، فلم تستطع ، غير أنها وجدت أن في الأمر حكمة ربانية ، وهو أن عليها أن تهدي الشباب العربي المسلم ليصبحوا مسيحيين ، وذات يوم وهي تناقش بعض الطلاب العرب ، وتحاول بشدة أن تقنعهم أن المسيحية هي الحق أعطاها طالب نسخة من المصحف المترجم ؛ لتبدأ رحلتها مع قراءة هذا الكتاب بإمعان ، حتى إنه شغلها عن التنزه مع زوجها ثم تركت شرب الخمر وأكل الخنزير تلقائيًّا ، فاتهمها زوجها بأنها مشغولة بحب رجل آخر ، وحدثت مشاكل انتهت بانفصالهما ، وذات يوم طرق بابها رجل اسمه عبد العزيز ، وقال لها : أنت فقط تنتظرين نفسك أن تسلمي ، ثم حثها على طلب العلم ، وأن تسأل الله أن يعلمها ، فبدا لها من الانتقال من موضوع إلى آخر وكأنها تشاهد زهرات تتفتح واحدة بعد الأخرى حتى تتفتح جميعًا بأجمل صورة ، وهذا ما كان ، فقد شرح الله صدرها للإسلام عن علم واقتناع تام ، ونطقت بالشهادتين سنة 1977 م ، وغيرت اسمها إلى أمينة السلمي Aminah Assilmi .



 

لماذا أسلمت جانيس هوف ؟
أختي الكريمة إن الإنسان لا يستطيع أن يحيا في هذا الكون إلا بالغذاء والكساء ، ومن حكمة الله تعالى أن جعل للبدن غذاءً وهو الطعام والشراب ، وجعل للروح غذاءً وهو ذكر الله وعبادته ، فالقلوب لا تحيى إلا بذكر الله ، أما تذكرين قول الله - تعالى : - ((الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )) (الرعد : 28) ، ويقول الله - تعالى - عن القرآن العظيم : ((وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا)) (الشورى : 52) فمن أحياه الله بهذا القرآن فهو حيّ وإن حُبِست منه الأعضاء ، ومن عاش في الضلالة فهو ميت وإن تحرك بين الأحياء : ((أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا)) (القرآن الكريم ، سورة الأنعام : 122) "مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لاَ يَذْكُرُ رَبَّهُ ، مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ» هكذا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ، رواه البخاري ومسلم .
الحضارة الغربية اليوم تخدم الإنسان كجسد فقط ، لا كروح ، يقول : "جون فوستر دالاس" وزير خارجية أمريكا في كتاب "حرب أم سلام": "إن الأمر لا يتعلق بالماديات ، فلدينا أعظم إنتاج عالمي في الأشياء المادية. إن ما ينقصنا هو إيمان صحيح قوي. فبدونه يكون ما لدينا قليلا. وهذا النقص لا يعوضه السياسيون مهما بلغت قدرتهم، أو الدبلوماسيون مهما كانت فطنتهم، أو العلماء مهما كثرت اختراعاتهم، أو القنابل مهما بلغت قوتها، فمتى شعر الناس بالحاجة إلى الاعتماد على الأشياء المادية فإن النتائج السيئة تصبح أمرا حتميا".
يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته ... أتطلب الربح مما فيه نقصانُ ؟
أقبل على النفس فاستكمل فضائلها ... فأنت بالروح لا بالجسم إنسانُ
(أبو الفتح البستي)
وأما الكساء فقد أنزل الله لباسيْن لباس الأبدان ولباس الجنان (القلب) ، أرجو أن تتدبري هذه الآيات الكريمات ، يقول الله تعالى :
((يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)) (الأعراف 26) .
وصدق من قال :
إذا المرء لم يلبس ثيابًا من التقى ... تجرد عريانا وإن كان كاسيًا
وخير ثياب المرء طـاعـة ربه ... ولا خير فيمن كان لله عاصيًا
؛ ثم يقول الله تعالى :-
)) يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ)) (الأعراف : 27( .
ولكن هل نجح الشيطان في مخططه من كشف العورات ونزع أثواب الحياء ؟! نعم نجح نجاحًا مبهرًا ؛ فكم من الفتيات المسلمات وغير المسلمات نزعن ثيابهن بعضها أو كلها تحت عدسات الكاميرات الشخصية أحيانا والتلفزيونية أحيانا بل والعالمية أحيانا أخرى .
ماذا بعد إسلام أمينة ؟
وبعد إسلام أمينة تغير كل من حولها ، فأمُّها رفضت الفكرة ، وأختها ظنت أنها أصيبت بالجنون ، وزوج أمها حاول قتلها ، ولم تلتفت لشيء من ذلك ، ولبست الحجاب وذهبت إلى عملها ففصلوها منه . وقامت قضية بينها وبين طليقها على حضانة طفليها المحببين (ولد وبنت) ، وكان الإسلام حينئذ دينا جديدًا في أمريكا ، فخيرّها القاضي قبل النطق بالحكم النهائي خيارًا في منتهى القسوة ، بحيث إمّا أن تعود عن الإسلام وتحتفظ بحضانة الطفلين ، وإما أن تتخلى عنهما ، وتظل على دينها الجديد . وفي النهاية قررت أن تستمسك بدينها ، وقد أخبرها الأطباء بأنه يستحيل أن تنجب أطفالا آخرين ، كان اختيارًا صعبًا قاسيًا ، ولكن من ترك شيئًا لله عوضه الله كما في الحديث الشريف .





لماذا اختارت أمينة هذا الطريق الخطير ؟
دعونا نسأل أنفسنا لماذا اختارت هذه المرأة هذا الطريق الشائك ؟! وقريناتها يعشن حياة اللهو واللعب والجنس والمخدرات ، لأنها فكرت في سبب وجودها في هذه الحياة : لماذا خلقني الله ؟! وهو نفس سبب إسلام المغنية الفرنسية دْيَامْسْ Diam's  ، التي أسلمت منذ 2009 م ، حين سألها المذيع "هل أنت مرتاحة الآن ؟" فقالت "نعم ، عرفت لِمَ أنا هنا" .
ونحن في اليوم العالمي للمرأة نسألك أيتها المرأة الكريمة ، هل عرفت لماذا أنت هنا في هذه الحياة ، وعلى تلك الأرض ؟
هل لتكون صورك الجميلة وسيلة لترويج السلع الاستهلاكية (مأكولات ، مشروبات ، سيارات ...) أم لتكوني دُمْيَةً يتسلى بها أصحاب الشهوات ، حتى إذا كبرت سنها وقل جمالها ألقوا بها وأتوا بغيرها ؟! وهل الجمال في الشكل والمظهر أم الروح والجوهر ؟!
كم سنعيش في هذه الحياة ؟! ونحن نعلم أننا لا نمثل في الزمن إلا حلقة في صحراء واسعة ، ويقول النبي – عليه الصلاة والسلام - : «وَاللَّهِ مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مِثْلُ مَا يجعلُ أحدُكم إصبعَه فِي اليمِّ فَلْينْظر بِمَ يرجع» . رَوَاهُ مُسلم .
هل من الحكمة أن نترك جنة الآخرة الدائمة من أجل متعة فانية في الدنيا ، لذة تعقبها سكرة ، تعقبها حسرة ، ولا خير في لذة من بعدها النارُ ، أما الجنة ففيها كل ما نشتهيه نفوسنا ، قال الله – تعالى - :
((وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) (الزخرف 71) ، وامتحان الإيمان في الدنيا كامتحانات المدارس والجامعات ، إن صبرت على المذاكرة واجتنبت اللعب فزت ونجحت وإلا رسبت ، و"إنما الأعمال بالخواتيم" كما قال النبي – صلى الله عليه وآله وسلم - . رواه البخاري ، وقال : "حُفَّتِ الجنة بالمكاره وحُفَّت النار بالشهوات" . رواه مسلم (ولفظ البخاري حُجِبَت) .
وقالوا لو كانت الدنيا ذهبًا فانيًا والآخرةُ خزفًا باقيًا لآثر العاقل الخزف الباقي على الذهب الفاني ، والحق أن الدنيا خزف فان ، والآخرةَ ذهب باق ، فليؤثر العاقل الباقي على الفاني ، ((وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى)) (القصص 60) ، (الشورى 36) ، ((وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ)) (آل عمران 198) .
وبالحب يزول ألم الطاعة فيتحول إلى لذة ، وتزول لذة المعصية فتتحول إلى ألم كما قال ربنا – تبارك وتعالى - : ((وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً)) (الحجرات 7 ، 8) .
 أرادت أمينة أن تدخل الجنة الآخرة فدخلت جنة الدنيا أولا ، وهي جنة الإيمان والعبادة وراحة البال ، قال الله – عز وجل - :
((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) (النحل 97) .
أيام عصيبة
نرجع إلى قصتنا : مرت على المرأة أيام عصيبة ، وكان القرآن يخفف عنها الآلام ، خاصةً آية الكرسي (الآية 255 ، سورة البقرة) ، وتحولت رسالتها من مبشرة نصرانية إلى داعية إسلامية ، دعت جدتها (عمرها أكثر من 100 سنة) فاستجابت وأسلمت قبل وفاتها بفترة قصيرة . وبعد عامين دعتها أمها إلى البيت ، وعبرت لها عن إعجابها بالإسلام وأسلمت سِرًّا ، وبعد أن أخبروا زوج أمها تبين أنه سبقها للإسلام بأسبوعين ، ولم تلبث أختها أن أسلمت ، وبعد بلوغ ابنها 21 سنة دعاها وأبلغها بإسلامه ، والأعجب أن طليقها بعد 16 عامًا من الطلاق أسلم ، وقال لها أرجو أن تكون ابنتي مثلك وتعتنق هذا الدين العظيم .


 

لعل المكافأة الكبرى كانت لمّا تأت بعد . لقد تزوجت امينة السلمي فيما بعد من رجل آخر ، مسلم ، وقد من الله عليها بفضله وكرمه ورزقها بطفل جميل على الرغم من قرار الاطباء باستحالة الانجاب. فمن ذا الذي يستطيع ان يقف حائلا بين الانسان وبين عطاء الله لقد كانت بحق نعمة جليلة من الله ، وعرفانا منها بهذا العطاء اختارت لابنها اسم "بركة" .
قد فقدت وظيفتها بسبب ارتدائها الحجاب والآن تبوأت منصب رئيسة الاتحاد الدولي للمرأة المسلمة. وصارت تلقي المحاضرات على نطاق واسع وزاد الاقبال على محاضراتها. يرجع الفضل الى مؤسستها التي نجحت في كسب التأييد في اصدار طابع العيد والذي صادق على اصداره مصلحة الخدمات البريدية في الولايات المتحدة الامريكية، بعد جهود مضنية استمرت لعديد من السنوات، وفي الوقت الحاضر تسعى امينة السلمي لجعل يوم العيد عطلة رسمية على المستوى الوطني. وفي عام 2015 قرر عمدة نيويورك اعتماد يومَي الفطر والأضحى عطلةً رسمية في المدارس الحكومية . منقول عن مواقع موثوقة بالشبكة .
وفي 5 مارس 2010 م وبعد أن ألقت أمينة محاضرة عن الإسلام في نيويورك توفيت في حادث مروري ، ونحسبها شهيدة مبشَّرة بحديث النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حين قال لبعض أصحابه - رضي الله عنهم - : «مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، قَالَ : "إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ" ، قَالُوا: فَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ" ، وفي رواية "وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ" . رواه مسلم . نسأل الله – سبحانه وتعالى – أن يرحمها رحمة واسعة .
المرأة في الجاهلية واليهودية والمسيحية والإسلام
كانت المرأة في الجاهلية متاعًا يورَث كالأموال والبهائم ، وكانت لا تأخذ شيئا من الميراث ، ولم يكن لها حق على زوجها ، وكانت بعض القبائل تئد البنات ، وهن صغيرات.
وأما المرأة في اليهودية فهي أصل الشر ؛ لأنها المسؤولة عن إخراج آدم من الجنة ، كما في سفر التكوين (3: 1–16(  وتعتقد اليهوديّة أنّ نجاسة ولادة الأنثى ضعف نجاسة ولادة الذكر (لاويين 12: 1 –5) .
ويقول ويليام باركلى William Barclay: "كان مقام المرأة رسميًا مُتدنيًا جدًا. لم تكن المرأة تُعدّ كبشر في الشريعة اليهودية، وإنّما كانت تُعَدّ شيئًا A thing . كانت تحت سلطان أبيها أو زوجها. كانت ممنوعة من تعلّم الشريعة، وكان يعدّ تعليم المرأة الشريعة كإلقاء اللؤلؤ إلى الخنزير ... ولا ترى اليهودية المساواة بين الرجال والنساء، منذ عصور سحيقة .
فضلا عن حالات زنا المحارم المتكررة في الكتاب المقدس ، والتي لم يسلم منها بعض الأنبياء – عليهم السلام - ، انظر العهد القديم سفر التكوين الإصحاح 19 / 30 : 38 ، صموئيل الثانى 13 / 1 : 22 ، وقد لوثت هذه القصص أفكار كثير من النصارى فاستهانوا بهذه الفواحش . وكذلك الغزل الصريح المذكور في سفر نشيد الأَنشاد ،  الأصحَاحُ الأَوَّلُ.
وأما في المسيحية فيقول بولس : أعتقد أن حَوَّاء هي التي أخطأت أوّلًا، ثم أغوت آدم فانقاد وراءها وأخطأ ثانيًا (تيموثاوس الأولى 2: 12–14) .
ويُعبر أدريان ثاتشر Adrian Thatcher عن نظرة الكنيسة للمرأة، فيقول: "لقد بذل العالم الغربي الكثير في القرن الأخير ليتجاوز احتقاره للنساء، لكنّ هذا الاحتقار لا يزال ثابتًا في الكنيسة"
كما كان للزوج -في أوروبّا الحديثة- الحقّ في بيع زوجته ، وقد حدّد ثمن الزوجة بستّ بنات، وكان معمولًا بهذا القانون في إنجلترا حتى عام 1805م. وقد حرّم هنري الثامن على الإنجليزيات قراءة الكتاب المقدس، وظلت نساء إنجلترا حتى عام 1850م غير معدودات من المواطنين، وحتى عام 1882م ليس لهنّ أي حقوق شخصية، أو حقّ في التملك الخاصّ .
وفى القرن الخامس الميلادي اجتمع مجمع ماكون للبحث في مسألة هل المرأة مجرد جسم لا روح فيه؟ وبعد البحث قرر المجمع: أنها خِلو من الروح الناجية من عذاب جهنم. وعقد الفرنسيون في عام 1958م مؤتمرًا قرروا فيه أنها "إنسان خُلِق لخدمة الرجل فحسب". وبعد الثورة الفرنسية وإلى اليوم لا يُسْمَح للمتزوجة بالتصرفات المالية إلا بإذن زوجها، ولا يزال أجر المرأة على عملها إلى اليوم أقلّ من أجر الرجل، كما تفقد اسمها وحريتها بمجرد الزواج، وظلّت إلى القرن التاسع عشر محرومة كذلك من التعليم . للمزيد انظر بحث "مكانة المرأة بين اليهودية والمسيحية والإسلام" – أ/ياسر منير - طريق الإسلام .
وأما حال المرأة اليوم فلا يخفى على إنسان ، فالحضارة المادية تراها لعبة تعبث بها كيفما تشاء تحت بريق التقدم والازدهار ، فظلت المرأة تنزع من ثيابها باسم التحضر حتى لم تُبْقِ شيئًا .
وأما في الإسلام فالمرأة أجمل مخلوق ، المرأة هي نصف المجتمع وتلد النصف الباقي ، هي أمي وأختي وعمتي وخالتي وزوجتي وابنتي ، المرأة ما كانت في قليل إلا كثرته ، ويرى القرآن الكريم أن آدم – عليه الصلاة والسلام - هو المسؤول عن الخروج من الجنة بسبب إغواء الشيطان له ولزوجه حواء ، نعم هي حثته على الأكل من الشجرة كما ورد في السنة الصحيحة ، لكنها ليست المسؤولة الأولى عن هذا الأمر كما زعموا  ، قال الله – تعالى - : ((فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا)) (الأعراف 20) ، ((فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى * فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى)) (طه 120 ، 121) .
كثيرًا ما يطرح هذا السؤال نفسه : أيهما أفضل الرجل أم المرأة ؟
والجواب العام أن الرجل أفضل من المرأة ؛ لأنه أصل الجنس البشري ، قال الله – تعالى – : ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً)) (النساء 1) ، وهو المسؤول عنها ابنةً وزوجةً ... كما قال الله – جل ثناؤه - : ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)) (النساء 34) فالتفضيل في أصل الخلقة ، وليس فقط في الذمة المالية ، وقد انتبهت لذلك امرأة عمران ، أم مريم – عليهم السلام – فقالت : ((رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى)) (آل عمران  36) ، وبعض العلماء لمح في الآية شيئًا عجيبًا ، وهو أن الأصل في المشبه به أن يكون أفضل من المشبه ، تقول زيد كالأسد في الشجاعة ، ومعنى هذا أن الأسد أفضل من زيد ، فكأنها تريد أن الأنثى أفضل من الذكر ، وهذه الرؤية صحيحة ، لكنها غير مطلقة ، فالمرأة أفضل من الرجل ؛ لأنها تقوم بما لا يقوم به ، من الحمل والولادة والرضاعة وتربية الأبناء ............ بينما الرجل أفضل منها بحكمته ومسؤوليته ، فكأن كلًّا منهما أفضل من الآخر في جوانب معينة ، والتنافس بينهما يقوم فيما يصح لطبيعة كل منهما أن تتحمله .
جاء في " كتاب الأذكياء" لابن الجوزي : أن شاعرًا مر بنسوة فأعجبه شأنهن، فجعل يقول :
إن النساء شياطين خلقن لنا ... نعوذ بالله من شر الشياطينِ
فأجابته واحدة منهن وجعلت تقول :
إن النساء رياحين خلقن لكم ... وكلكم يشتهي شم الرياحينِ
أعطى الإسلام قيمة عظمى للمرأة ، فجعلها شقيقة الرجل في الواجبات والحقوق ، يقول الله – تعالى - : ((فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ)) (آل عمران 195) ،  فالمرأة في الإسلام طفلة تنشؤ في الحلية : ((أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ)) (الزخرف 18) .
وتظل البنت تحت رعاية والديها مكرمة مصونة كالجوهرة المكنونة حتى تبلغ سن الزواج ، يقول النبي – عليه الصلاة والسلام - : «مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ البَنَاتِ شَيْئًا، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ، كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ» . رواه البخاري . ومنذ بلوغ المرأة سنَ التكليف وحتى الزواج لا يحل لأحد أن يمس يدها ؛ فهي كأثمن الجواهر ، تُحْفَظُ عن أيدي العابثين ، حتى لا تفقد قيمتها .
كم من النساء اليوم فقدت قيمتها وحياءها تحت الأضواء المصطنعة والأسماء الخادعة .
 ، فإذا تزوجت المرأة يوصي الإسلام زوجها بالإحسان إليها  ، قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم - : " اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيمِ، وَالْمَرْأَةِ " . حسن ، رواه ابن ماجه وأحمد وغيرهما .
«اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ» . متفق عليه .
ويقول علماؤنا عِوَج المرأة بتقديمها العاطفة على العقل كمالٌ فيها ؛ كما أن عِوَج الخُّطَّاف كمالٌ فيه ، فهي بضعفها تكمل قوة الرجل ، وبعاطفتها تكمل عقل الرجل ؛ ليحدث التوازن الرباني في هذا الكون ، وكلما اختل ذلك التوازن شعر الإنسان بالغربة والوحشة ، وهذا ما يعانيه عالمنا المعاصر .

يتبع ......

الكــاتــب

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ مَقْرَأَةُ الدُّرَّة الْمُضِيَّة العالمية للعلوم العربيّة والإسلاميّة 2019 ©