موضوع عشوائي

آخر المواضيع

سلسلة الأسئلة والفتاوى العلمية 78 : ما علة اتخاذ سترة في الصلاة ، وما هو مقدارها ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة الأسئلة والفتاوى العلمية


س 78 : ما علة اتخاذ سترة في الصلاة ،  وما هو مقدار مسافتها ؟




ج 78 : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ... أما بعد فقد حذر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من العبور بين يدي المصلي فقال «لَوْ يَعْلَمُ المَارُّ بَيْنَ يَدَيِ المُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ، لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» قَالَ أَبُو النَّضْرِ (من شيوخ الإمام مالك) : لاَ أَدْرِي، أَقَالَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ شَهْرًا، أَوْ سَنَةً . (1) ، وفي الحديث «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيُصَلِّ إِلَى سُتْرَةٍ وَلْيَدْنُ مِنْهَا» (2)

والعلة في ذلك تعظيم مقام الصلاة ، وهو كنهيه - عليه الصلاة والسلام - عن البصق في القبلة (3) .


وأما مسافة السترة فأقلها كمؤخرة الرحل (4) أو ممر الشاة ، وهو ثلثا ذراع أو ذراع تقريبًا ، وأقصاها ثلاثة أذرع ، وقد اختلف الأئمة في مقدار الذراع ، فقدره الشافعية والحنابلة بـ 61.83 سنتيمتر ، وقدره المالكية بـ 53 سم ، وقدره الحنفية بـ 46.37 سم ، وبناءً عليه فأقل السترة (ثلثا ذراع) هو 41.22 سم أو (ذراع) 61.83 سم ، وأقصاها 185.49 سم (5) .

وقد وردت الأخبار الصحيحة بأن النبي - عليه الصلاة والسلام - صلى إلى ثلاثة أذرع ، وصح أنه صلى إلى سترة بمقدار ممر الشاة ، فمن الفقهاء من جمع بين الروايتين ، وقال السترة ثلاثة أذرع حال القيام ، وهي ثلثا ذراع حال السجود أي أن المسافة بين محل السجود والسترة هي ثلثا ذراع تقريبًا . ومنهم من قال إن السترة هي محل السجود للمصلي ، وهو متر تقريبًا ويختلف بحسب حجم المصلي (6) ، فإذا وضع المصلي سترة أو خط خطًّا فقد اتخذ سترة يجب على المار أمامه أن يعبر بعدها ، وإذا لم يضع المصلي سترة فللمار أن يعبر بعد محل السجود مباشرة على الراجح عندنا ، وهو اختيار العلامة ابن عثيمين ؛ لأن الحديث نهى عن المرور بين يدي المصلي ، ولا شك أن مجاوزة موضع السجود ليست مما بين يدي المصلي ، كما أن المصلين يستر بعضهم بعضًا ، فدل على أن مسافة السترة محدودة بموضع السجود (7) . زد على هذا لو كانت مسافة السترة أزيد من محل السجود لأجاز الشارع للمصلي أن يمشي ليدفع المار أمامَه ؛ عملًا بالحديث «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَلْيَدْفَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» (8) وقد اتفق الفقهاء على حرمة المشي في الصلاة وهو من الحركة الزائدة المبطلة لها . هذا وبالله التوفيق . والله أعلم . 


ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه البخاري (510) (1/ 108) ومسلم (507) (1/ 363) .
(2) حسن ، رواه أبو داود (698) (1/ 186) وابن ماجه (954) (1/ 307) وغيرهما .
(3) قال - عليه الصلاة والسلام - : «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي، فَلاَ يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى» . البخاري (406) (1/ 90) ومسلم (547) (1/ 388) .
(4) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ : (سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سُتْرَةِ الْمُصَلِّي ، فَقَالَ : مِثْلُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ) رواه مسلم (771) .
(5) 
بناءً على أقصى تقدير للذراع ، وهو تقدير الشافعية والحنابلة ، انظر ملخص المكاييل والموازين الشرعية للدكتور علي جمعة - حفظه الله - ص 4 .
(6) خلاصة مذاهب الأئمة الأربعة في مسافة السترة : الحنفية : ثلاثة أذرع = 139.1 سم - الشافعية والحنابلة : ثلاثة أذرع = 185.49 سم - المالكية لهم روايتان : الأولى : ثلاثة أذرع كالجمهور ، وقدروها بـ 159 سم ، والثانية : ثلثا ذراع 35.33 سم .
خلاصة مذاهبهم في طول الشيء الذي يضعه المصلي أمامه ليستتر به : الحنفية : ذراع = 46.37 سم طولا ، وغِلَظ إصبع عرضًا 1.93 سم - المالكية : ذراع 53 سم طولًا ، وغلظ الرمح عرضًا - الشافعية : ثلثا ذراع = 41.22 سم طولًا ، وغلظ السهم عرضًا - الحنابلة : ذراع : 61.83 سم طولًا ، ولا حد للعرض . للمزيد انظر الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري (1/ 243 : 247) ، ومقال ذ.أحمد الشامي :
http://www.alhamdlilah.com/pages/view/3195/%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D9%84%D9%8A-%D8%B9%D9%86%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B0%D8%A7%D9%87%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%A8%D8%B9%D8%A9 
(7) للمزيد تابع الرابطين التاليين :
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=132883
https://islamqa.info/ar/145200

(8) رواه البخاري (509) (1/ 107) ومسلم (505) (1/ 362) . 

الكــاتــب

    • مشاركة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ مَقْرَأَةُ الدُّرَّة الْمُضِيَّة العالمية للعلوم العربيّة والإسلاميّة 2019 ©