موضوع عشوائي

آخر المواضيع

سلسلة الأسئلة والفتاوى العلمية 64 - لماذا مجموع خلق السماوات والأرض في سورة فصلت ثمانية أيام ، وأيهما خلق أولا "الأرض" أم "السماوات" ؟

 س 64 : قال الله - عز وجل - في القرآن الكريم : ((أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ)) (النازعات 27 : 33) . وفي موضع آخر قال الله - جل ثناؤه - : 
((قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)) (فصلت 9 : 12) ، فالظاهر من الآيات الأخيرة أن خلق السماوات والأرض استغرق ثمانية أيام ، وأيهما خلق أولا "الأرض" أم "السماوات" ؟
ج 64 : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، وبعد ...
فإن علماءنا يقولون "فهم السؤال هو نصف الإجابة" ، فلو أنعمنا النظر في الآيات الكريمة لرأيناها تجلي كثيرا من الأشياء ، ليس خلق السماوات والأرض فحسب ، وإنما تمت هذه الأمور :
1-خلق السماء .
2-بناء السماء أي رفعها .
3-رفع سمك السماء أي عُلُوَّها ، فسواها بلا شقوق، ولا فُطور، ولا تفاوت .
4-إغطاش ليل السماء أي أظلمه فجعله مظلماً .
5-إخراج ضحى السماء أي أظهر نورها بالشمس .
6-دحو الأرضأي بسطها وتكويرها كموضع بيضة النعامة .
7-إخراج ماء الأرض ومرعاها (ما يأكله الناس والأنعام) .
8-إرساء الجبال فوق الأرض .
9-مباركة الأرض (الحبة تُلقَى في الأرض فتنبت بإذن الله آلاف الحبوب في الأرض فقط لا في غيرها من الكواكب) .
10-تقدير الأقوات في الأرض .
11-تخيير السماوات والأرض بالإتيان والتزام الأوامر الإلهية طوعا أو كرها ((قالتا أتينا طائعين)) .
12-الإيحاء في كل سماء بأمرها أي أوحى ما أراد ، وأمر بما شاء أو خَلَقَ في كل سماءٍ خَلْقَها .
13-تزيين السماء بالمصابيح (النجوم) وحفظا .
فالقرآن يصدق بعضه بعضا كما سنرى الآن :
أولا : الرد على شبهة خلق السماوات والأرض في ثمانية أيام جمعًا للأيام المذكورة في آيات فصلت (9 : 12) .
قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ» (1) .
 قال العلماء أي صلاة العشاء في جماعة تعدل فضل قيام نصف الليل وصلاة الفجر في جماعة تعدل النصف الثاني ، قوله - تعالى - ((وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام)) أي إن الأيام الأربعة هي مجموع خلق الأرض الأوَّلِي ((خلق الأرض في يومين)) قبل خلق السماوات ، نضيف على هذين اليومين يومين آخرين هما مدة خلق الأرض النهائي ((وجعل فيها رواسي وبارك فيها وقدر فيها أقواتها))  ،  ولهذا قال ((في أربعة أيام)) وبين هذين الخلقين الأَوَّلِي والنهائي للأرض خلق الله - عز وجل - السماء في يومين ، الخلاصة : يومان لخلق الأرض الأوَّلِي ثم يومان لخلق السماوات ثم يومان لخلق الأرض النهائي .ثانيًا : الرد على شبهة تعارض الآيات في ترتيب خلق السماوات والأرض .
خلق الله الأرض في يومين ثم خلق السماوات في يومين ثم خلق ما في الأرض في يومين ، قال الله – عز وجل - : ((قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ)) (فصلت 9 ، 10) . قوله – تعالى - ((خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ)) أي مجردة بلا شيء عليها ، وبعد خلق السماوات في يومين كما سيأتي بيانه خلق ما في الأرض ، قال - تعالى - : ((وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا)) جعل فيها رواسي (الجبال) "وَبارَكَ فِيها بالأشجار والثمار والحبوب والأنهار ، وقيل: البَرَكة فيها: أن ينميَ فيها الزرع ، فتخرج الحبّة حبّات، والنواة نخلةً وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها أي أرزاقها وما يحتاج إليه" (2) .
كل ذلك في يومين آخرين ، قال – تعالى - ((فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ)) أي مجموع أيام خلق الأرض أربع كاملة ، اثنتين ذكرهما أولا (بداية الخلق) ، ثم اثنتين (إرساء الجبال ومباركة الأرض وتقدير أقواتها فيها) ؛ فالعدد ((أربعة)) هنا للتتميم لا للاستئناف (3) .
 ((سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ)) أي "في أربعة أيّامٍ مستوِياتٍ تامَّاتٍ ، للسائلين القوت" (4)  أو بمعنى "للسائلين وغير السائلين ، يعطي من سأل ومن لم يسأل سواء ، ما داموا يأخذون بالأسباب ؛ فستؤتي الأسباب أكلها وثمرتها" (5) أو بمعنى "لمن يسأل: في كم خُلقت الأرضُ؟ فيقال: خُلقتْ في أربعة أيّام سواء ، لا زيادة ولا نقصان" (6) ، وقال بعض العلماء أي في أربعة أيام من أيامنا ، والصواب – والله أعلم - : أنها بمقدار أيام الله : ((وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ)) (الحج 47) (7) .
 ثم قال – سبحانه - : ((ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)) (فصلت 11 ، 12) . قوله – تعالى - ((ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ)) لا يلزم منه الترتيب الزمني ، فإن "ثُمَّ" تتعدد أغراضها ؛ فهي تفيد الترتيب الزمني تارة ، والمعنوي تارة ، والخبري تارة أخرى (8) ، وسيأتي ذكر الترتيب في خلق الأرض والسماوات بالتفصيل بعد قليل ، قال – سبحانه - ((ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ)) أي عمد إليها وقصدها ((وَهِيَ دُخَانٌ)) وهذا المعنى تؤكده النظريات العلمية الحديثة ، قالوا "قبل تَكَوُّن المجرات في الكون ، مادة السماء كانت أولا على هيئة مادة غازية كبيرة أو سحب ظهرت قبل تكون المجرات لوصف مادة السماء الأولية ، وكلمة دُخَان أكثر ملائمة من غاز" (9) ، قال – تعالى - : ((ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا)) قال لها ذلك ؛ ليكتمل خلقها ، فانصاعت لأمر ربها طائعةً راضيةً لا مجبرةً كارهةً ، قال – سبحانه - : ((قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ)) بجمع المذكر السالم حملًا على اللفظ ، ولو حُمِلَ على المعنى لقيل "طائعات" (10) .
 ثم قال الله – عز وجل - : ((فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ)) وهذان اليومان المتممان للأيام الست المذكورة في سبعة مواضع القرآن الكريم : ((إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ)) (الأعراف 54 ، ويونس 3) (11) .

 ((وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ)) (هود 7) .
 ((الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ)) (الفرقان 59) .
 ((اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ)) (السجدة 4) . 
((وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ)) (ق 50) (12)  .
 ((هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ)) (الحديد 4) . وكان الله – تبارك وتعالى – قادرا على أن يُتمم خلقَ السماوات والأرض في طرفة عين ، ولكنه – سبحانه - "أراد تعليم خلقه التثبت والتأني ، والتعجيل أبلغ في القدرة ، والتثبيت أبلغ في الحكمة ، فأراد إظهار حكمته في ذلك ، كما يظهر قدرته في قول: كُنْ فَيَكُونُ" (13) . 
 وأما آيات النازعات : ((أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ)) (النازعات 27 : 33)
فهي تشير إلى دحي الأرض لا خلقها ابتداءً ؛ بمعنى أن الله – سبحانه وتعالى – خلق الأرض في يومين أولا ثم خلق السماء في يومين ثم "جعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها" ودحا الأرض أي بسطها (14) وأخرج منها ماءها ومرعاها ، كل ذلك في يومين ، فآية فصلت تحدد عدد أيام خلق كل من السماوات والأرض ، وأما آية النازعات فهي تحدد الترتيب .
وقد ثبت أن رَجُلا سأل ابْنِ عَبَّاسٍ قائلًا : "إِنِّي أَجِدُ فِي القُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ" ، ثم ذكر منها قول الله – تعالى - {أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا} [النازعات: 27] إِلَى قَوْلِهِ: {دَحَاهَا} [النازعات: 30] قال الرجل : "فَذَكَرَ خَلْقَ السَّمَاءِ قَبْلَ خَلْقِ الأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ: {أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: 9] إِلَى قَوْلِهِ: {طَائِعِينَ} [فصلت: 11] فَذَكَرَ فِي هَذِهِ خَلْقَ الأَرْضِ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاءِ؟" فأجابه حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - بقوله : "خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ، ثُمَّ دَحَا الأَرْضَ، وَدَحْوُهَا: أَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا المَاءَ وَالمَرْعَى، وَخَلَقَ الجِبَالَ وَالجِمَالَ وَالآكَامَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {دَحَاهَا} [النازعات: 30] . وَقَوْلُهُ: {خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: 9] . فَجُعِلَتِ الأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، وَخُلِقَتِ السَّمَوَاتُ فِي يَوْمَيْنِ" إلى أن قال للرجل "فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا إِلَّا أَصَابَ بِهِ الَّذِي أَرَادَ ، فَلاَ يَخْتَلِفْ عَلَيْكَ القُرْآنُ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ"  (15)
فسبحان من هذا كلامه ، قال الله - تعالى - : ((أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)) (النساء 82) نسأل الله أن ينفعنا بأنوار القرآن في الدنيا والآخرة ، والحمد لله رب العالمين ، وصلِّ اللهم وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين . والله أعلم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه مسلم (656) (1/ 454)، وهناك أمثلة كثيرة على هذا الأسلوب من كلام العرب ومن كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -  : " «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ ثَلَاثَ عُقَدٍ إِذَا نَامَ، بِكُلِّ عُقْدَةٍ يَضْرِبُ عَلَيْكَ لَيْلًا طَوِيلًا، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، وَإِذَا تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عَنْهُ عُقْدَتَانِ، فَإِذَا صَلَّى انْحَلَّتِ الْعُقَدُ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ» . رواه مسلم (776) (1/ 538) والبخاري (3269) (4/ 122) .
(2) زاد المسير لابن الجوزي (4/ 46 ، 47) ، قال : "وللمفسرين في هذا التقدير خمسة أقوال : أحدها: أنه شقَّق الأنهار وغرس الأشجار، قاله ابن عباس. والثاني: أنه قسم أرزاق العباد والبهائم، قاله الحسن. والثالث: أقواتها من المطر، قاله مجاهد. والرابع: قدّر لكلّ بلدة ما لم يجعله في الأخرى كما أنَّ ثياب اليمن لا تصلح إلا ب «اليمن» والهرويَّة ب «هراة» ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة، قاله عكرمة والضحاك. والخامس: قدَّر البُرَّ لأهل قُطْرٍ، والتَّمْر لأهل قُطْرٍ، والذُّرَة لأهل قُطْرٍ، قاله ابن السائب. قوله تعالى: فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أي: في تتمة أربعة أيّام. ونظيره قول النبي – صلى الله عليه وآله وسلم - : «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ» . رواه مسلم (656) (1/ 454) .
(3) زاد المسير (4/ 47) . 
(4) أشار إليه القرطبي في تفسيره عن أهل المعاني (15/ 343) . 
(5) زاد المسير (4/ 47) .
(6) ذكره العلامة المعمر الشيخ عبد القادر شيبة الحمد – حفظه الله – في تفسيره الصوتي . 
(7) قال ابن عباس: مقدار كل يوم من تلك الأيام ألف سنة، وبه قال كعب، ومجاهد، والضحاك، ولا نعلم خلافاً في ذلك. ولو قال قائل: إنها كأيام الدنيا، كان قوله بعيداً من وجهين: أحدهما: خلاف الآثار. والثاني: أن الذي يتوهمه المتوهِّم من الإِبطاء في ستة آلاف سنة، يتوهمه في ستة أيام عند تصفح قوله: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ . زاد المسير (2/ 127)
(8) انظر "الكتاب" لسيبويه (1/34) ، وينظر "بدائع الفوائد" (1/ 61) و"شرح الكافية" (4/390) للرضي عن الإسلام سؤال وجواب : https://islamqa.info/ar/202879 ، ومثله قول الله – تعالى – : ((هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ)) (البقرة 29) قدم ما في الأرض لأهميتها لدى الإنسان فهي فراشه ودواؤه ومنها غذاؤه وكساؤه ، وقد تكون ثم بمعنى الواو أو الفاء كما ذكر بعض أهل اللغة ، انظر تفسير القرطبي (ج14/ص86) وانظر "الآمدي في "الإحكام" (ج1/ص103) ، والأشموني في شرحه ألفية ابن مالك (1/136) ، وانظر بحث الأخ أبي الحسين الحسيني – جزاه الله خيرا - :
http://www.sahab.net/forums/?showtopic=127036
(9) القرآن والعلم الحديث – د/ذاكر عبد الكريم .
(10) روح المعاني للعلامة إسماعيل حقي – رحمه الله – (8/ 236) .
(11) وأما حديث «خَلَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ، فِي آخِرِ الْخَلْقِ، فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ ، فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ» . رواه مسلم (2789) (4/ 2149) "فذهب يحيى بن معين، وعبد الرحمن بن مهدي،والبخاري وغيرهم، إلى أنه غلط، وأنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، بل صرح البخاري في تاريخه الكبير بأنه من كلام كعب الأحبار. وممن ذهب إلى هذا شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم . قال شيخ الإسلام:والحجة مع هؤلاء، فإنه قد ثبت بالكتاب والسنة والإجماع أن الله تعالى خلق السماوات والأرض في ستة أيام، وأن آخر ما خلقه هو آدم، وكان خلقه يوم الجمعة. وهذا الحديث المختلف فيه يقتضي أنه خلق ذلك في الأيام السبعة، وقد روي إسناد أصح من هذا أن أول الخلق كان يوم الأحد. انتهى من مجموع الفتاوى" . اللجنة العلمية بالشبكة الإسلامية :
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=190003
(12) ونجمع مواضع "وما بينهما في ستة أيام" في قولنا : "وما بينهما في ستة ... فرقانُ قافٍ سجدة . 
(13) زاد المسير (2/ 127 ، 128) . قلت : وهناك فرق بين ابتداء خلق الشيء ، واكتمال خلقه ، قال الله – تعالى - : ((وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)) (البقرة 117) وشبيهاتها سبعة : (آل عمران 47 ، 59) ، (الأنعام 73) ، (النحل 40) ، (مريم 35) ، (يس 82) ، (غافر 68) ، فهذه الآيات تدل على دخول الفعل في حيز الكينونة مباشرة حينما يقول الله – عز وجل – ((كن)) كما أوضح موضع (الأنعام 73) : ((وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ)) ، فكل شيء خلقه الله أو يخلقه بقوله ((كن)) ، وأما اكتمال كينونة الشيء فهذا أمر يرجع إلى تقديره – سبحانه - ، واقرأ إن شئت قوله – عز وجل - : ((وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا)) (الفرقان 2) ، وقوله – تبارك وتعالى – في خلق الإنسان : ((فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ)) (المرسلات 23) ، والعجيب أن رقم الآية بعدد سنوات الدعوة ؛ فكأنه إشارة إلى أن الخلق والتقدير يلزمه المنهاج العملي لقيادة النفس ، وهذا المنهاج نزل على النبي – صلى الله عليه وسلم – في ثلاث وعشرين سنة . والله أعلم بمراده . والمثال الذي نضربه هنا دعاء إبراهيم وإسماعيل – عليهما الصلاة والسلام – ببعثة النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – ((رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)) (البقرة 129) واستجاب الله دعاءهما بقوله "كن" ودخل الفعل في حيز الكينونة ، ثم اكتمل التنفيذ بعد مئات السنين : هو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلاَبِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعبِ بْنِ لؤَيِّ بْنِ غالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ ، وعدنان من ولد إسماعيل (وبينهما سبعة رجال كما حققه الذهبي) ، وإسماعيل بن خليل الله إبراهيم (عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام) .
(14) وأما الدِحْية فلم يثبت في معاجم اللغة أنها بيضة النعامة ، وإنما ثبت أن "الأُدْحُوَّة" و"الأُدْحِيَّة" هي موضع بيض النعام . (المعجم الوسيط (1/ 274) ، والزاهر لأبي بكر الأنباري (2/ 124) ، ولا ريب أن موضع البيضة يكون مستديرًا ، وذكر بعض أهل اللغة أن دحاها أي بسطها ومدها ووسعها على هيئة بيضة للسكنى والإعمار "أرض مَدْحِيَّة" ، انظر موقع المعاني مادة "أدحى" . وورد في القرآن الكريم لفظ ((يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ)) (الزمر 5) أشار بعض الباحثين إلى إشارة الآية إلى كروية الأرض ؛ إذ التكوير هو التدوير ، للمزيد تابع الرابط : http://kaheel7.com/pdetails.php?id=1377&ft=41 
(15) البخاري (6/ 127) .

الكــاتــب

    • مشاركة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ مَقْرَأَةُ الدُّرَّة الْمُضِيَّة العالمية للعلوم العربيّة والإسلاميّة 2019 ©